سعد سعيد الديوه جي يكتب : مهجرينا و مهجروهم
بعد احتلال العراق عام 2003م تأسست وزارة بعنوان “وزارة الهجرة والمهجرين”، وكان الأمر موضع إستغراب، بعدها علمنا ان جل إهتمامها كان على رعاية المهجرين من ابناء البلد الواحد الذين يعيشون في مخيمات بائسة داخل البلد نفسه خارج مناطق سكناهم، نتيجة المشاكل الطائفية المحتدمة وما أعقبها ذلك مما فعله الدواعش، وليس لهذه الوزارة او اي جهة أخرى صلة بالمهجرين من ابناء البلد خارج البلد وفي معظم انحاء العالم، وأقتصر أكبر اهتمامها على توفير الخيام وما يسد الرمق ولا غير.
ولكي نكون محددين بموضوع هجرة نخبة خاصة وهي الكفاءات العلمية ومن كافة الاختصاصات بعد ان لم تجد لها مكاناً لائقاً ولا رعاية تليق بمكانتهم العلمية ويمثلون خسارة علمية لا تعوض، فكلنا قرأ وأطلع على صفحات الفيس بوك قصة صاحب الكفاءة العراقية العلمية الهندسية من حملة الدكتوراه في إختصاص نادر والذي لم يجد له مكاناً في جامعاتنا كتدريسي ولا غير قبل عدة سنوات وذلك لعدم توفر درجة وظيفية، فأضطر للهجرة ثم اختياره على مستوى عالمي من أفضل الاختصاصيين في مجال عمله، وفي الجامعة التي احتوته وقدرت منزلته العلمية.
ولكي نبقى في الصورة فقد نشر “التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية 17-2018م”، والصادر عن مؤسسة الفكر العربي ريبورتاجاً حول موضوع هجرة الكفاءات، بين فيه بأنه خلال الفترة من عام 1991م الى عام 2003م بلغ عدد المهاجرين العراقيين من أصحاب الكفاءات الى أوروبا وكندا وأمريكا 3750 عالما وكفاءة، منهم 76% أساتذة جامعات والبقية من العاملين في مراكز الأبحاث، ومن بين هؤلاء 83% ممن تخرجوا من الجامعات الأوروبية والأمريكية.
وبعد عام 2003م غادر العراق أكثر من ثلاثة آلاف أستاذ جامعي، وأن حوالي 10% من الأطباء وخاصة من ذوي الاختصاص غادرو العراق لغير رجعة.
وكان الحل لهذا النقص الهائل أن تم فتح باب ما يسمى بالدراسات العليا على مصراعيه في الجامعات العراقية بدون تخطيط ولا دراسات جادة، لتتحول العملية في معظمها الى عملية “صبغ علمي”، بدون النظر الى جدية هذه الدراسات ومستواها العلمي وإتزانها، وصارت أعداد حملة هذه الشهادات أكثر مما تستوعبه الجامعات على كثرتها وبكفاءات متواضعة، ومعظمها لم يطلع على ما وصل إليه العلم في البلدان المتقدمة.
ويقارن التقرير بما يحدث في إسرائيل التي تعمل بكل السبل الى جذب الكفاءات إليها، حتى أعتبرت كل يهودي في الشتات إسرائيلياً حتى لو لم يحمل الجنسية الإسرائيلية، وتعمل على تشجيع هجرتهم الى إسرائيل ومن كل الكفاءات العلمية والإنسانية والفلسفية وحتى الآثار.
وتدير برامج عودة “المهجرين” من الكفاءات وزارة إستيعاب المهاجرين – علماً أنهم ليسوا من المهاجرين بالمعنى العام – وإنما من يهود الشتات، كما أسلفنا وهو الواقع.
وهنالك لجنة مشتركة بين الوزارة ووزارات التربية والصحة والإسكان والنقل والصناعة والتجارة، تقوم بتقديم حزم من المساعدات يمتد تأثيرها الى عشر سنوات بعد العودة!.
وفي عام 2013م أطلقت هيئة الابتكار الإسرائيلية وهي الذراع الحكومي المكلف بتعزيز البحث والتطوير الصناعي وبالتعاون مع وزارة إستيعاب المهاجرين برنامجاً أستطاع جذب 600 كفاءة علمية حتى عام 2016م، علماً أن نسبة كبيرة منهم جاءوا من الولايات المتحدة وفي مختلف الإختصاصات، وكان من أبرزها علوم الإقتصاد والكومبيوتر.
وأن هنالك 4700 حالة تسجيل تنتظر الحصول على مكانة بين الكفاءات في بلد كله من المهاجرين.