جبار المشهداني يكتب … فيدرالية آل عصاد
كلما زرت اصدقائي بل اخوتي من آل عصاد الشيوخ الاربعة عماد وجواد وفؤاد ومنتظر في بيتهم العامر باطراف مدينة الناصرية (سلام الله على الناصرية العظيمة واهلها الكرام الشجعان)، استغرقتني افكار و حسابات طويلة امام عبقرية الرؤية والمكان والعلاقات التي رُتبت عليها هذه الدار لتصبح دليلا نيّرا على حكمة وحصافة ربّها ومدى نجابة انجاله الكرام في ديمومة تلك العلاقة المكانية المنتجة لهذا التوائم والتناغم والامتزاج والالتزام بين العوائل الاربعة.
دار آل العصاد العامرة هذه تشترك وتنقسم في آن معاً، فالحديقة الكبيرة مكان جلسات سمر الشيوخ الاربعة وضيوفهم واقربائهم في ليالي صيف الناصرية العليلة، هي الجامع المشترك الاول والمضيف الكبير الذي يضم ذات الجمع الحافل من الاهل والاصدقاء وابناء العشيرة في ليالي الشتاء هو المشترك الجمعي الآخر لدار آل العصاد حفظهم الله، وسوى ذلك تنفصل البيوت الاربعة في استقلال كامل يحفظ خصوصية كل واحد منهم ليكون مساحة حرية شخصية وخصوصية عيش كريم لهم ولعوائلهم دون اي تداخلات او ضغوط او تقاطعات صغيرة قد تنجم عن تفاصيل الحياة اليومية بكل تعقيداتها، ويبدو لي ان هذه الفكرة العبقرية كفلت لهذه العائلة الكريمة ان تحافظ على وحدتها وتقاربها وتوادّها وتراحمها في جغرافية تقارب البيوت الاربعة من جهة وتشارك نازليها بالحديقة والمضيف، ونتاج ذلك من عزوة وانتماء وتواصل بين اعقابهم من الابناء والاحفاد بلا ادنى ريب، اضافة لخصوصية كاملة يتيحها استقلال كل بيت عن الآخر استقلالاً تاماً لاكبر قدر من الحرية والراحة.
ولا ادري لماذا تحضرني جغرافيا وهندسة وفكرة ورؤية هذه الدار العامرة كلما فكرت في حال العراق المتردي الذي اصبح مضرب مثل العالمين في السوء و رداءة العيش سياسيا و اقتصاديا واجتماعياً ، وانعكاس ذلك في جميع تفاصيل حياة الناس اليومية حاضرا ومستقبلا.
نعم نحن نحتاج الى تطبيق فكرة دار آل العصاد على وطننا الذي يترنح منهارا على حافة هاوية المجهول، بعد السنوات العجاف الثماني عشرة التي عشناها تحت حكم الاحزاب الدينية واكذوبة الديمقراطية المزعومة.
فكرة العراق الفدرالي التي قاتل من اجلها السياسيون الشيعة واعترض عليها معظم السياسيين (السنة) الذين شاركوهم في كتابة الدستور، لينقلب الامر بعد حين رأسا على عقب بعد سنوات من تطبيق ذلك الدستور العقيم، فيتحول السياسيون( الشيعة) الى اكبر الرافضين للنظام الفدرالي الدستوري، باعتباره نظاما انفصالياً تقسيميا،
بعد ان كان في نظرهم الحل الامثل لتعايش المكونات والطوائف والاثنيات العراقية بأمن وسلام !!!!!.
وسرّ ذلك الانقلاب الكامل في الرؤية والمفاهيم مردّه الذي بات يعرفه الجميع الى المشيئة الايرانية التي كانت تحلم بضم محافظات جنوب العراق اليها بعد فدرلتها، وصارت تريد الآن ضم العراق كله بعد احكام سيطرتها على جميع ارجائه !!!!
ولايخفى على حصيف او بليد ان مهاجمة فكرة الفيدرالية ضمن عراق واحد ورفع شعار العراق الواحد التي صار يهتف بها اتباع ايران وعملاؤها ماهي الا تعبير عن رؤية ستراتيجية لهلال جغرافي طائفي طالما حلمت به ايران ليكون الامتداد الامثل لحلمها الامبراطوري وهيمنتها على مقدرات المنطقة وتأثير ذلك في حجم وثقل حضورها الستراتيجي الدولي في منطقة تضم اكبر احتياطي العالم من مصادر الطاقة اضافة الى كونها المعبر الامثل لتجارة الشرق والغرب.
من هنا سيشكل النظام الفدرالي الذي سيكفل حقوق المكونات جميعا في العراق الذي دفع أبناءه فاتورة الاحتلال الامريكي كاملة ولعل مأساة المناطق المحررة وعذاباتهم وهدم مدنهم وترحيلهم وتهجيرهم وتهميشهم وحرمانهم من كل الفرص المشتركة، سيشكل حاجزا مانعاً كبيرا امام الحلم الايراني الاستعماري المريض عندما سينهض ويعيد بناء نفسه وترميم كينونته واسترجاع دوره في الحياة من جديد.
تحية إجلال ومحبة لأهلنا في كل العراق وهي دعوة محبة لنحقق هدف وحدة العراق ونمنح العراقيين بعضا من خصوصياتهم التي تجاوز عليها الحكام في مختلف مراحل التاريخ وفقا لمنطق حق القوة المستمدة من السلطة الجائرة.