زياد محمد السعدون يكتب: العراق في قلب العاصفة
زياد محمد السعدون/عراقيون/
منذ سقوط النظام عام ٢٠٠٣ والعراق تحيط به وتضربه العواصف بين حين واخر فقد مر البلد بسنوات حالكه مليئه بالسواد من القتل والدمار والطائفية راح ضحيتها الملايين من ابناءه بين قتيل مغدور وجريح يأن لاصابته الدائمة ومهجر ترك بلاده قسراً .
ولم تحاول حكومات العراق المتعاقبة على حكمه منذ ذلك التاريخ بناء سور يحمي الوطن من كافة التدخلات الخارجية بل على العكس من ذلك فقد تركت العراق لكل من هب ودب يصول ويجول من اقصاه الى اقصاه وينفذ اجندات خارجيه تضر بالبلاد .
ولم تقم حكومات العراق بتوفير سبل العيش الكريم لأبناء البلد وتعزيز روح الوطنية في قلوبهم واستثمار طاقاته الشبابيه في النهوض بالعراق وجعله أفضل مما كان عليه ابان النظام السابق .
وقد استثمرت كافة دول الجوار هذه الاوضاع المأساويه للعراق وبدأت ترسم خارطة مصالحها فيه كل بلد حسب ما يحتاجه من العراق الجريح ويكمل النقص الموجود في بلده
فهناك من عزز الطائفية واشعلها بين أبناءه وهناك من فرض القومية طمعاً في تقسيم العراق الى دويلات متناحرة واخرون استفادوا من كفاءات هذا البلد العريق فاستقطبوا تلك الكفاءات ترهيباً او ترغيباً ووفروا لهم ولعوائلهم سبل العيش الكريم وقاموا بنقلهم لبلادهم للاستفاده من خبراتهم العظيمه وكانوا سبباً في تقدم تلك البلاد.
ومنهم من اوقف عجلة الصناعة والزراعة في بلاد ما بين النهرين وعراق الثروات العظيمة من اجل اغراق سوق العراق ببضائعه وتدمير الصناعة والزراعة فيه وبالرغم من وجود نهرين عظيمين عذبين وروافدهما اللذان يجريان من اقصى العراق الى اقصاه نراه يستورد المياه المعدنية من دول الجوار وبمبالغ طائلة خدمة لمصالح تلك الدول ،
وبالرغم من خصوبة ارضه وخبرة ابناءه في الزراعة نرى ان المحاصيل المستوردة تغطي اسواقه.
وبسبب هذه السياسه المفروضه على حكومات العراق بات المواطن بلا عمل فأنتشرت البطالة بين ابناءه بنسب مخيفه واصبح ما نسبته اكثر من ٣٠% من الشعب العراقي تحت خط الفقر ..
وبسبب الفساد المستشري في كافة مفاصل الدولة وخاصة المنافذ الحدودية فقد انتشرت في العراق المخدرات التي اصبحت سبباً رئيسياً في انتشار الجريمة بين ابناءه من كافة فئات المجتمع والتي ستسهم قريباً في انهيار الاسرة التي هي اساس بناء المجتمع.
ورغم مرور أكثر من ١٧ سنه على تغيير النظام لم تستطع أي حكومة بناء دولة المؤسسات التي يحلم بها المواطن العراقي الذي يملىء قلبه الحزن عند سفره الى دول الجوار ويرى تقدمها وعمرانها وبناها التحتية وثقافة شعبها ويقارنها بحال بلده الذي كان قِبلة” للعالم قبل سنوات مضت وكانت تلك الدول تتمنى ان يكون حللها نصف ما كان عليه العراق والمواطن العراقي من بنى تحتية ورفاهية مواطنيه . اضافة الى ذلك لم تستطع حكومات البلد المتعاقبه من رسم سياسة خارجية رصينه تكفل للعراق نأيه عن صراعات دول الجوار مع العراق او اميركا واعتماد سياسة مسك العصا من الوسط والوقوف على مسافة واحدة في العلاقات الدبلوماسية مع جميع الاطراف وجعل مصلحة العراق اولوية وفي مقدمة كل شيء وانما تم اعتماد سياسة المحاور بسبب كثرة احزابه وانغماس ساسته في مصالحهم الشخصيه وتقديمها على مصلحة العراق التي اوصلت البلد الى ماهو عليه الآن من التشتت والانقسام .
وبسبب هذه السياسات الفاشلة والتخطيط غير السليم لمستقبل العراق نرى تخبط سياسته الخارجيه تجاه مصلحة البلاد وتغليب مصالح دول اخرى على مصلحته وسوف يكون العراق في قلب العاصفه عند حدوث اي صراع بين اميركا
ودول الجوار وسيتأثر تأثيراً مباشراً اقتصادياً واجتماعياً وعسكرياُ ويكون العراق هو الخاسر الوحيد في تلك الصراعات التي ستدخل العراق في نفقٍ مظلم يخسر بها عدد من ابناءه وتدمير ماتبقى من بناه التحتية بإعتباره ساحة الصراع العالمي الجديد وسوف تتحقق آمال وطموحات من يتربص للعراق ويريد له الشر سواء بتقسيمه او من يحلم بضم جزء من ارض العراق لبلده او سرقة ثرواته ، ولابد وبعد هذه السنوات العجاف التي مر بها العراق والعراقييون من الفقر والحرمان والقتل والتفجير والتهجير ان تضع الحكومة مصلحة العراق والعراقيين نصب عينها وان تنأى بالعراق عن اي شيء يهدد امنهُ وسلامة ابناءه وتُشرع ببناء عقد سياسي جديد يحفظ للعراقي كرامته وللعراق سيادته واعادة البلاد الى ما كان عليه في كافة المحافل الدولية وتغليب مصلحته على اي مصلحة اخرى والسعي لطوي كافة صفحات الماضي المظلم من اجل بناء العراق في كافة مجالاته .
حفظ العراق واهله من كل سوء وجعل العام الجديد عامٌ
يغاث فيه الناس ، وفيه يعصرون خيرات بلادهم لخدمة اهله .