العراق يرد التحية للكويت بمثلها بقلم: غنيم الزعبي
كتبت مقالة سابقة أدعو فيها إلى ترشيح الأمير الشيخ صباح الأحمد لجائزة نوبل للسلام، وهنا أكرر الدعوة مرة أخرى. إن الأمير بكل تلك المبادرات الإنسانية والأبوية تجاه شعب العراق وتجاه الكثير من شعوب العالم فهو أهل لها.
أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح هو بحر في السياسة ومحيط في الدبلوماسية. والقصة التالية دليل على ما أقول.
على مدى السنوات الأخيرة يلح مسؤولو القطاع النفطي في الكويت على زملائهم في الخارجية الكويتية بأن يطرحوا موضوع تزويد الكويت بالغاز العراقي على نظرائهم في الخارجية العراقية. لكن من دون جدوى، مع إصرار الجانب العراقي على إهدار كميات مهولة من الغاز وإحراقها بدلا من بيعها للكـويت والاستفادة منها كدخل عظيم للعراق.
لكن في الأسابيع الماضية حدث شيء غريب فقد تقدم مسؤولو وزارة النفط العراقية وبادروا من أنفسهم بالطلب من الجانب النفطي الكويتي باستئناف المفاوضات حول إمكانية تزويد الكويت بالغاز العراقي، بل ولاحظ المسؤولون الكويتيون حرص الجانب العراقي على إنجاز هذا الأمر بسرعة وسهولة.
السر في تغير الموقف العراقي تجاه هذا الموضوع هو تقديرهم وامتنانهم لمبادرات أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر بداية من إعطـاء توجيهـاته بمـوافقة الخطوط الجوية الكويتية على رفع الحظر على طائرات الخطوط الجوية العراقية والسماح لها بالتحليق في جميع أجواء العالم وتسـوية ديونها على الخطوط الكويتية.
وهو الأمر الذي سمح للطائرات العراقية بالتنقل بحـرية ونقل العشرات إن لـم تكن مئات الآلاف من المواطنين العراقيين من بغداد إلى باقي دول العالم، مما أضفى البهجة والسعادة على أبناء الشعب العراقي وهم يرون ناقلهم الوطني يجوب أنحاء العالم.
كذلك كانت لأمير البلاد مبادرة أخرى تجاه العراق وشعبه بإعطاء توجيهاته الكريمة بتأجيل دفعة التعويضات الكويتية المستحقة على العراق والتي تبلغ قيمتها 4 مليارات دولار إلى نهاية العام 2018 وهو الأمر الذي جعل تلك المليارات تذهب إلى خزينة الدولة العراقية لتعينها على إعادة إعمار البلاد التي دمرها صدام بمغامراته العسكرية الفاشلة، وكذلك لتساعده على تكلفة حربه ضد إرهاب تنظيم داعش الذي يحتل أجزاء كبيرة من العراق وهو الأمر الذي حظي أيضا بالتقدير والامتنان من العراق حكومة وشعبا.
طبعا لا نستطيع أن نتجاهل أو ننسى جهود الإغاثة العظيمة للكويت تجاه نازحي الموصل وكذلك منح الكويت المليونية لبناء مدارس ومستشفيات في الجنوب العراقي، وهو أمر لا منة ولا فضل فيه فالشعب العراقي شعب شقيق يستحق كل فزعة واهتمام، فاستقرارهم استقرار لنا ورخاؤهم رخاء لنا.
من باب ما جزاء الإحسان إلا الإحسان جاءت الخطوة العراقية بالموافقة على تزويد الكويت بالغاز العراقي، وهو الأمر الذي سيخفض فاتورة الكهرباء الكويتية إلى النصـف تقريبا إن لم يكن إلى الربع. وسيعمل ذلك بالتالي على تخفيض العجـز في الميزانية الكويتية التي تلتهم تلك الفاتورة جزءا كبيرا منها، بحكم أن الكويت تستخدم النفط الخام لإنتاج الكهرباء وهو خطـأ اقتصادي كبير خـاصة مع تعـافي أسعار النفط الخام الذي يمكن بيعه في أسواق النفط، بدلا من إهداره في محطات الكهرباء.
هذي هي إحدى صور وأمثلة لحكمة وبعد نظر أمير دولة الكويت، أمير الدبلوماسية العالمية. أعطى توجيهاته السامية بالصبر على الجار ومراعاة الظروف التي يمر بها فما كان جزاء الإحسان إلا الإحسان، حين ردت الحكومة العراقية على مبادرات الأمير الكريمة بمثلها وهو الأمر الذي سيزيد وشائج الترابط والتآلف بين الشعبين الكويتي والعراقي، وسيمحو بإذن الله كل آلام الماضي وخلافاته، ويُرجع الشعبين الكويتي والعراقي إخوة في العروبة والإنسانية والإسلام ولتتنفس الأجيال الجديدة رائحة الأمن والأمان والسلام بعد أن عانت الأجيال الماضية من ويلات الحروب والدمار والتشتت.
نقطة أخيرة: كتبت مقالة سابقة أدعو فيها إلى ترشيح الأمير الشيخ صباح الأحمد لجائزة نوبل للسلام، وهنا أكرر الدعوة مرة أخرى. إن الأمير بكل تلك المبادرات الإنسانية والأبوية تجاه شعب العراق وتجاه الكثير من شعوب العالم فهو أهل لها، وستجد تلك الدعوة كل التأييد من أشقائنا في الخليج والعالم العربي والإسلامي، بل ومن كل دول العالم التي ستشهد للأمير بأنه جدير بجائزة نوبل للسلام.
كاتب كويتي
غنيم الزعبي