زياد محمد السعدون يكتب :نينوى بين عراقة الماضي وحاضرٍ مؤلم
لا يخفى على اي شخص يقرأ تاريخ نينوى يعلم أن لها تاريخا” يمتد لآلاف السنين ولما قبل الميلاد فشواهدها التاريخيه ماثلة منذ عصور الآشوريين وابوابها من جهاتها الاربع التي ما زال قسم منها قائما” شاهداً على تاريخها .
وتمتد على أطرافها كذلك حضارات تابعة لها مثل النمرود والحضر التي كانت مراكز لحكم مناطقها .
وازدهرت نينوى بشكل عام في كافة المجالات بحكم موقعها وخصوبة أرضها ومرور نهر دجلة بأراضيها من بداية حدودها الى نهايتها وكانت بحق طريق الوصل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب ومن استطاع السيطرة على الموصل استطاع السيطرة على كافة طُرق المواصلات و ملك زمام الامور في التجارة بين الدول.
ولذلك تكالب عليها ولمختلف العصور العديد من الغزاة الذين ارادوا احتلالها و حصارها في حال عدم قدرتهم على السيطرة عليها.
وتميز اهل الموصل بحبهم و ولائهم لمدينتهم واشتهر اهلها بالصناعة والتجارة والزراعة واستطاعوا بناء مدينتهم وجعلها من المُدن التي يُشار اليها بالبنان.
وعند سيطرة الدولة العثمانية على العراق كانت البلاد تقسم إلى ثلاث ولايات وهي بغداد والموصل والبصرة وكانت الموصل بإعتبارها الولاية الثانية في البلاد من حيث مساحتها وعدد سكانها لها الثقل الاكبر في سياسة واقتصاد العراق وساهمت المدينة بتزويد البلاد بالكثير من الخبرات والقيادات من خيرة رجالها الذين كان لهم دوراً عظيماً و كبيراً في تأسيس العراق الحديث وتطوره وخاصة في مجال بناء مؤسسته العسكرية والطب والاقتصاد وغيرها من المجالات.
وكانت لمدينة الموصل الدور الريادي والقيادي بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة سواء كانت ذلك في النظام الملكي او الجمهوري وكانت في طليعة مدن العراق في كل شيء وتحصد المراتب الاولى في الاعمار و النظافة و التفوق الدراسي فظهر فيها العلماء والادباء والمتميزين من الاطباء وسائر الكفاءات الاخرى.
إلّا إن ذلك لم يرق للكثير ممن حكم العراق بعد عام٢٠٠٣ فقد ضيقت الحكومات المتعاقبة في حكم العراق على الموصل واقصت اغلب كفاءاته عن المشهد السياسي والعلمي مما اضطر تلك الكفاءات الى الهجرة خارج البلاد إضافة إلى ما مرّت بالمدينة من أحداث بعد ٢٠٠٣ وما صاحبها من تفجيرات ادت إلى تدمير البُنية التحتية لها وبسبب عدم دعم الحكومة المركزية للمدينة وعدم توفير الاموال اللازمة لبناء مؤسساتها و بناها التحتية وتحويل الكثير من تخصيصاتها الى محافظات اخرى ساهمت في تطوير نفسها على حساب مدينة الموصل.
وبعد سيطرة عصابات داعش على المدينة بمؤامرة كبيرة عليها تم تدمير كافة ما بقي من منشأتها الحيوية والخدمية اضافة الى تدمير مدينتها القديمة التي كانت نبض الحياة لمدينة الموصل ، وبعد تحرير المدينة من تلك العصابات و بمعارك شرسة واستخدام کافة انواع الأسلحة البرية والجوية والمحرمة دوليا” مازال تدمير المدينة شاهداً على بؤسها . ولم تتلقى هذه المدينة التي اعتبرتها الحكومة( مدينة منكوبة) اي دعم يليق بها ليعيدها الى سابق عهدها بإعتبارها ثاني اكبر مدينة في العراق وسلة خبزه بل على العكس من ذلك مازالت اثار الحرب والدمار قائمة في شوارعها و تفتقد المدينة إلى المؤسسات الصحية التي كانت تستقبل المرضى من كافة محافظات العراق بسبب كفاءة كوادرها.
ومازال الكثير من أهل المدينة الذين تم تدمير بيوتهم اثناء عمليات التحرير يعيشون في مخيمات النزوح التي تفتقد الى ابسط مقومات العيش.
ولابد لمن يمثل المدينة سواء كان ممثليها في البرلمان او مؤسساتها الاعلاميه من رفع الصوت عالياً ليسمعه كل من في الحكومة من اجل رفع الظلم عن هذه المدينة المعطاء التي قدمت للعراق الكثير من التضحيات بالدم والمال و ساهمت في بناءه على مدى العصور ورغم معاناة تلك المدينة الّا انها استطاعت بهمة ابنائها الغيارى من ان تنفض غبار الحرب والدمار عن كاهلها وتستنهض وتشحذ همم اهلها للنهوض من جديد وكان ذلك فقط بدعم المنظمات دولية التي قدمت القليل واستطاع أهلها بفضل ذلك الدعم القليل بناء الكثير ممادمرته الحرب وأعادت البسمة والامل الى مدينتهم التي مازال أهلها ا ينتظرون ان تقدم لهم الحكومة دعمهما من اجل اعادة أعمارها وعودة أهلها من مخيمات النزوح للعيش اسوة باقرانهم في المحافظات الاخرى وتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم في أموالهم او ارواحهم.
وكذلك توفير فرص العمل لأبناء المدينة التي لم تحصل على الدرجات الوظيفية طيلة فترة سيطرة عصابات الاجرام عليها اضافة الى تسهيل فرص الاستثمار لمواردها الطبيعية مثل النفط والكبريت وبناء سد بادوش واعادة بناء مؤسساتها الصحيةوغيرها من المشاريع من اجل النهوض بواقعها واعادتها الى تسنم دورها الحقيقي في العراق .