سعد سعيد الديوه جي:الموصل والعراق والمعادلة الصعبة

يتكون العراق بحدوده الحالية من اثنيات وطوائف قلقة، وهو ليس حالة فريدة في العالم، ولكن الغريب جداً أن الذهنية الوطنية لمجتمعنا والتي من المفروض أن تكون نتاج لوعي مشترك نحو حالة مستقرة ومستقبل واعد موحد لم تدخل الى عقليته وعواطفه بصورة صحيحة خصوصاً بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003م وما اعقبه من تعميق لحالة الاختلاف الاثني والطائفي بشكل لا مثيل له في التاريخ الحديث.
والحقيقة ان هذه الحالة متجذرة قبل الاحتلال عند شرائح واسعة في المجتمع العراقي، حتى صار من الصعب جداً تعريف هذا المجتمع أو وضع معالم مشتركة لمكوناته ولكن ليس بالصورة الدموية التي أعقبت الاحتلال والى الان.
فالعراق تكون أولا من ولايتي بغداد والبصرة العثمانيتين الأصل ثم ألحق به ولاية الموصل بعد استفتاء عصبة الأمم عام 1925م والذي يشكك الاتراك بصحته، حيث يقول هنري .أ. فوستر في كتابه عن نشأة العراق الحديث ما نصه (تمسكت بريطانيا بحق الفتح وباتت تسيطر سيطرة تامة على الموصل والعراق) وكان ذلك بعد معاهدة لوزان عام 1923م أي ان العقلية الغربية كانت على دراية تامه بالـ تكوين الخاص لولاية الموصل حيث هناك خليط من العرب والكرد والتركمان بنسب تكاد تكون متساوية مع وجود أقليات لا يستهان بها من المسيحيين واليهود آنذاك، وكان الوئام بينهم هو الحالة الغالبة، ومع ذلك فقد صرح وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل بأن تأسيس العراق الحالي (كان من اكبر الأخطاء التي ارتكبتها بريطانيا) ولا نعرف هل كان هذا التصريح في العشرينيات من القرن الماضي بسبب الخلاف بين شركات النفط البريطانية والأمريكية ام لإحساسه بعدم جدوى ضم الموصل للعراق حيث اشتهر تشرشل بسياسة تقطيع الاوصال، على كل حال، نشأ العراق ودخل عصبة الأمم عام 1922م ومرت البلاد بالعصر الملكي الى عام 1958م ثم تحولت الى العصر الجمهوري حيث لم يشهد استقرارا مطلقا توج باحتلاله عام 2003م كما أسلفنا.
ويدعي جيف سيمونز في كتاب (عراق المستقبل) الصادر عام 2004م بأن معظم الاحداث المثيرة من انقلابات وصدام تحت اغطية الحرية والاشتراكية والديمقراطية، كانت تقف خلفها الشركات النفطية الكبرى للإمبراطورية البريطانية الآفلة والامبراطورية الامريكية الصاعدة، حتى ان بريطانيا اتهمت الامريكان بتمويل ثورة العشرين وهو امر في غاية الاستغراب!
كما أدى ذلك الى ظهور ساسة غير متعمقين بقراءة واقعية للأحداث، تلهث وراءهم جماهير غفيرة بعد استنفارها قومياً وطائفياً مما أدى الى تعميق الوضع العراقي الداخلي وتفاقمه وظهرت نتائجه على السطح كما نرى في وقتنا الحاضر.
ولكيلا نكون متشائمين أكثر من اللازم، فإننا نعتقد بأن للموصل دورا مهماً في تأسيس عقلية وطنية متوازنة لو نظر لها الساسة العاملون الان بعين محايدة ووطنية من الممكن ان تكون حجر الزاوية في المعادلة العراقية المعقدة والتي لازال البلد بسببها يراوح مكانه ان لم نقل يرجع للخلف بشكل مؤلم ومؤسف.
وكما تم ضم ولاية الموصل للعراق قبل قرن من الزمان، فيمكن ان يستفيد العراقيون من تجاوز اهل الموصل للعقلية الطائفية وعمق التسامح الديني الذي اشتهرت به بوجود المساجد والكنائس والمعابد، ليس بداخل المدينة فقط وانما في كل المناطق المحيطة بها.
ام الذين يضعون العصي في العجلات ويقرنون اهل الموصل بد1عش واخواتها فعليهم قراءة مراسلات السيدة كلينتون بهذا الخصوص وهي تغني عن كل شيء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *