د . طلال الفتحي يكتب :حسابات الزعامة والمصالح

٢ ونصف مقابل لا شيئ هذه هي حصيلة الأشهر الاخيرة من السباق التركي الإيراني على زعامة العالم الاسلامي .

بدأ التقدم التركي بتسجيل نصف نقطة عندما نجح اردوغان في مغازلة مشاعر ملايين المسلمين في حملة اعلامية كبيرة غطت أحداث تحويل متحف ايا صوفيا الى جامع كما كان قبل ٨٠ سنة، ولأن صدى هذا الحدث كان في اوساط المسلمين السنة فقط، يمكننا ان نعتبر انها نصف نقطة .

ثم سجلت تركيا نقطة كاملة في انحيازها التام ودعمها لاذربيجان الشيعية ضد ارمينيا المسيحية، في صراع قامت تركيا برسمه مسبقاً على مقاسات مصالحها، واحرجت ايران امام كل المسلمين وبالأخص جمهورها الشيعي الذي يعتقد بأن ايران حامية الشيعة والتشيع حول العالم، الأمر الذي جعل ايران في حيرة من أمرها، فتارة تسهل وصول الاسلحة الروسية لارمينيا، وتارة تطالب ارمينيا بانهاء احتلال اقليم كرباخ الاذري بعد ان ايقنت ان اذربيجان قاب قوسين من استعادة هذا الاقليم بالقوة .

النقطة الثانية التي سجلتها تركيا في سباق زعامة العالم الاسلامي، جاءت من ألد اعداء تركيا واردوغان شخصياً، وهو الرئيس الفرنسي ماكرون، حين أساء الى الرسول محمد(ص)، فاستغلت تركيا موجة الغضب العارمة التي اجتاحت العالم الاسلامي، وتزعمت موجة المقاطعة اعلامياً، وادلى اردوغان بتصريحات نارية ضد ماكرون، واجج الشارع الاسلامي ضد فرنسا وماكرون، في حين كانت مواقف ايران اقل حدة وصوتها منخفض في هذه القضية بسبب المصالح التي تربطها بماكرون شخصياً وبفرنسا واوربا بشكل عام .
فإيران لا تنسى ان ماكرون هو الراعي الرسمي للاتفاق النووي ، وانه سافر بنفسه في نيسان ابريل ٢٠١٨ الى واشنطن لاقناع ترامب بالعودة الى الاتفاق النووي، وايران لا تزال تنتظر من ماكرون دور مشابه اذا ما فاز جو بايدن بالانتخابات، لانه الين قليلاً من ترامب تجاه ملف ايران النووي .

مرة اخرى كانت حسابات المصالح الايرانية سبباً في وقوفها بموقف مخالف للمزاج العام للشعوب الاسلامية التي تطمح لزعامتها، في حين ان حسابات المصالح التركية كانت مع المزاج الشعبي العام، فكأنما ضربت تركيا عصفورين بحجر واحد، وكأنما اضاعت ايران خيط زعمتها الاسلامية لكي تمسك بعصفور مصالحها السياسية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *