تقرير بريطاني يتحدث عن المواجهة المرتقبة إغلاق بغداد وحرب لأسبوعين!
عراقيون/ متابعة
إلى عام 2014 وتحديداً منتصف العام، الذي شهد أحداثاً ساقت العراق في منعطف تاريخي، عادت صحيفة “الغارديان” البريطانية، مشيرة إلى ظروف تشكيل الحشد الشعبي مروراً بالتطورات اللاحقة التي أدت “انقسام” الفصائل وتصاعد التوتر الذي ينذر ربما بـ’حمام دم’.
وتقول الصحيفة في تقرير لها إن المرجع الديني الشيعي الأعلى علي السيستاني أصدر فتوى تحث العراقيين على التطوع في القتال ضد المسلحين، في يونيو 2014، بعد 4 أيام فقط من استيلاء (داعش) على الموصل شمالي العراق، حيث تدفق عشرات الآلاف من الشبان، ومعظمهم من شبان الجنوب الشيعي الفقير وضواحي بغداد، على مراكز التجنيد ومعسكرات الجيش ومقار الفصائل.
احتشد عدد من الشبان في قاعة محاضرات في أحد المباني القديمة بشرق بغداد، متحمسون للتطوع ضد داعش، بملابس ملونة وأكياس بلاستيكية وضعوا بها بعض الملابس، وكأنهم متجهين لرحلة نهاية الأسبوع، على حد تعبير التقرير، فيما “برز في المشهد حينها، البعض من الشبان يرتدون عصابات خضراء تحمل شعار “كتائب حزب الله”، التي شكلها القائد العسكري أبو مهدي المهندس عام 2006، وتابعة للحرس الثوري الإيراني”
وسرعان ما ظهرت مجموعات منظمة أخرى، حملت السلاح، وبات المشهد في شمال البلاد، “ميليشيات” تتبع لقيادات ومراجع مختلفة، كما تقول الصحيفة، لتنضوي تحت الحشد الشعبي بدعم من رئيس الحكومة آنذاك نوري المالكي، وباتت مؤسسة معترف بها على مستوى الدولة بتشريع قانون صوت عليه غالية أعضاء البرلمان في 26 نوفمبر عام 2016.
وعن كيفية الانضمام إلى عناصر”الحشد الشعبي”، أشارت صحيفة “الغارديان” البريطانية إلى أنّه في البداية كان الباب مفتوحاً للشبان الشيعة الملتزمين دينياً، والذين يصلون ويصومون، ولكن بعد ذلك بدأ قبول الجميع، بحسب قول أحد ضباط التجنيد عام 2014.
الضابط المسؤول عن التجنيد، شارك في تنظيم وحدة مقاتلين في مدينة حلب السورية ضد “داعش”، والذي قال، بحسب الصحيفة، حينها ” “لقد قاتلنا الأميركيين، ونقاتل داعش في سوريا”.
وأضاف أنّ “خبرتنا ستجعلهم أقوياء (عناصر الفصائل)، سنقدم لهم أفضل تدريب يمكن”، لافتاً إلى إنضمام جنود من الجيش العراقي لهم لرغبتهم التخلص من الفساد، بحسب قوله.
ويبيّن التقرير، أن “مقاتلين شيعة مخضرمين مثل أبو هاشم الذي حارب الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في الثمانينيات والتسعينيات انضموا إلى المجندين الشباب، وذلك تحت قيادة المهندس، رئيس أركان الحشد ونائب رئيسه، الذي تواصل مع مقاتلين قدامى لمقابلته”.
ونقلت الصحيفة عن أبو هاشم، ضابط مخابرات في “الحشد”، قوله “بعد سقوط الموصل، لم نذهب إلى الحرب بسبب فتوى السيستاني، بل بدعوة من المهندس الذي أراد مقاتلين أكبراً سناً للعمل معه”، كاشفاً أنّه “التقينا به في منزله وأخبرنا أن الدولة العراقية سقطت، مردداً أنا الدولة الآن”.
ويقول التقرير، “بعد وصول أبو هاشم ورفاقه مستعدين لحمل السلاح في صيف 2014، أمرهم المهندس بالتوجه إلى قاعدة التاجي العسكرية شمالي بغداد لتشكيل قوة جديدة. كانت مهمتهم الأولى هي حماية الأضرحة الشيعية في سامراء ووقف تقدم مقاتلي داعش إلى بغداد”
وقال أبو هاشم، بحسب التقرير، “عندما وصلنا إلى القاعدة، وجدنا فوضى كاملة، ولكن عندما وصل المهندس أصبحت الأرض منظمة لأجله”، لافتاً إلى أنّه “سرعان ما بدأت الرحلات الجوية الإيرانية في نقل الأسلحة إلى المطار الذي افتتح حديثًا (آنذاك) في النجف”.
وأكّد أنّه “بالأسلحة والسيارات والرجال جاء مستشارون إيرانيون، وانتشروا في أنحاء البلاد في بقعة جغرافية واسعة من ديالى شرقاً”، معتبراً أنّ “المهندس تفاوض مع الفصائل والمليشيات وسيطرة عليها”.
ولفت إلى أنّه “عندما شكلنا الحشد حاولنا تكرار تجربة الحرس الثوري الإيراني، لكننا فشلنا في شيء واحد وهو تعدد الفصائل، واختلاف مراجعها، الذي حاول المهندس ضبطها”.
’لحظة التحول’!
وبعد تراجع حدة المعارك مع “داعش” ودور فصائل الحشد بذلك، بدأت التظاهرات الشعبية التي نظمها ناشطون سئموا من قدرة الجماعات المسلحة في السيطرة على كافة جوانب الحياة العراقية، وجنيها لثروات من خلال وسائل فاسدة.
وقال محلل عراقي طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث للصحيفة البريطانية، إنّ “بعض الفصائل العسكرية تتلقى رواتبها من الدولة العراقية لكنها لا تتبع التسلسل العسكري للقائد العام للقوات العراقية”.
واعتبر أنّهم “يتصرفون وفقًا لتحالفاتهم مع الحرس الثوري الإيراني، ويخدمون الاستراتيجية الإيرانية الأكبر في المنطقة، ومصالحهم التجارية الخاصة”.
وشدد على أنّهم “يشكلون تهديداً للدولة العراقية من الداخل”.
مطلع، قُتل القائد العسكري الإيراني، قاسم سليماني وابو مهدي المهندس بضربة أميركية، في الوقت التي كانت الفصائل خاضعة لقيادته، و”تعمل بأمر من إيران”، على حد تعبير التقرير.
ويضيف التقرير، “بعد تسعة أشهر من الضربة الجوية الأميركية، أصبحت الفصائل المختلفة أكثر انقساماً من أي وقت مضى، حتى بعدما شجعتهم الضربة متخذين وفاته ذريعة جديدة للبقاء”.
وقال مسؤول حكومي، لصحيفة “الغارديان”، إنّ “قتل سليماني عطّل انسياب عملية اتخاذ القرار لهذه الفصائل، وهي لا تتصرف وفق استراتيجية عامة”.
ويشير التقرير، إلى أن “الميليشيات الموالية لإيران كثفت على اثر ذلك، عمليات قتل وخطف النشطاء، وبدأت بإطلاق الصواريخ على السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وعلى معسكرات عسكرية لها، واضعة الحكومة العراقية في مأزق دبلوماسي مع واشنطن التي لوحت بإغلاق سفارتها في بغداد”.
في نيسان الماضي، عُيِّن رئيس المخابرات السابق، مصطفى الكاظمي، رئيساً لمجلس الوزراء، بعد خمسة أشهر من الفراغ الحكومي، بعد استقالة رئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، بضغط شعبي نهاية نوفمبر 2019.
ويوضح التقرير، أن “الكاظمي يواجه تحديات عدّة الأصعب منها هي محاولة التفاوض على مسار جديد للبلاد، في ظل تأثير طهران على السياسة والأمن في العراق بوجود الجماعات المسلحة التابعة لها، والتي يصعب السيطرة عليها.
ويعتقد الكاظمي أنّ أي مواجهة مباشرة مع الفصائل أمر خطير وقد يكون له تداعيات سياسية وأمنية خطيرة، دون أن تكون النتيجة إيجابية مضمونة، وفق التقرير.
كما أشار التقرير، إلى “عملية الدورة” وما تبعها من أحداث، ونقل عن ضابط كبير في الجيش العراقي قوله “أعتقد أحياناً أن الحل الوحيد لهذه الأزمة، دولتين وجيشين، أولاً نغلق بغداد، ونوجه إنذاراً لوحدات الحشد الشعبي إما للانضمام إلى القوات النظامية أو نحاربكم”.
واعتبر أنّ “حمام الدم والحرب لأسبوعين أفضل من الاستمرار في تأجيل المواجهة”.