الكاظمي: لم نتلق تهديدا من أمريكا بإغلاق سفارتها في بغداد

أكد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، اليوم السبت، أن ما وصله من الولايات المتحدة الأميركية لم يكن تهديداً بل انزعاجاً وقلقاً “مُحقاً” على حماية البعثات الدبلوماسية.

وقال الكاظمي في مقابلة تلفزيونية إن “العلاقات السياسية ليست فيها علاقات شخصية، وأميركا دولة كبرى تبنى علاقاتها على المصالح، ويجب علينا حماية مصالحنا مع أميركا في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والأمن”.

ورداً على منتقدي علاقاته مع واشنطن، أوضح: “أقول لمن من يزايد على العلاقات إن بعضكم ذهبتم إلى البيت الأبيض قبل 2003 لطلب المساعدة في إسقاط صدام حسين وأميركا ساعدتنا في إسقاط نظام صدام ويجب أن لا ننسى أنها ساعدتنا في داعش رغم أنها وقعت في أخطاء كبيرة خلال مرحلة احتلال العراق”. 

وتابع: “لا نخجل من أي علاقة تحفظ كرامة العراق والعراقيين، وينبغي إطفاء النيران وتصفير كل مشاكلنا لبناء مستقبل أفضل”.

ومضى بالقول: “لن نقبل بأي تهديد من أي دولة كانت، وما وصلنا هو انزعاج وقلق أميركي بشأن أمن بعثاتها في العراق وهذا من حقها”، مبيناً أن “هناك من يحاول عرقلة علاقاتنا مع واشنطن بعناوين ساذجة ومن خلال الصواريخ العبثية التي تقع على العراقيين وآخرها حادثة الرضوانية”.

وحول تداعيات احتمال إغلاق السفارة الأميركية، قال: “سنمر بأزمة حقيقية، وتبعات خطيرة، وهذا سيؤدي إلى انهيار اقتصادي مباشر”.

وحول الحوار الاستراتيجي مع واشنطن، أشار إلى أنه “حققنا مكاسب تاريخية ومنها إعادة انتشار القوات خارج العراق، والخروج من القواعد العراقية، وتشكيل لجنة فنية لترتيب الآليات، ومنذ ذلك الحين تم سحب 2500 جندي إلى خارج العراق فماذا نريد بعد ذلك؟ هل نريد تصرفات غوغائية!”، مبيناً: “قبل سفري التقيت بالقوى الشيعية وكانت المباحثات واضحة بهذا الشأن”. 

“حكومة حل وليست حكومة أزمات”

وتحدث الكاظمي عن سياسة حكومته بالقول: “هذه حكومة ارتداد اجتماعي أنتجها الواقع الاجتماعي لاحساس شعبي عام بأن العراق والحاضر والمستقبل في خطر، حيث شعر الشعب أن هناك مشكلة حقيقة، وتشرين ليست مرحلة عابرة بل مفصلية في تاريخ العراق، وتشرين هو السبب الأساسي لوجود هذه الحكومة، وهي قضية جوهرية يجب أن نتوقف عندها”.

وأضاف أن “هذه الحكومة هي حكومة حل وليس حكومة أزمات، وهي خيمة لكل العراقيين في هذا الظرف الخطير، وتعمل على الوصول إلى مطالب الشعب والمرجعية وحتى الكتل السياسية”.

“لو أعطيتهم ما يريدون لسبحوا بالحكومة.. لكنني (زعلت) الجميع وأرضيت ضميري”

وبشأن الاتهامات الموجهة إليه، قال إن “الاتهامات بدأت منذ اليوم الأول لأنها هذه الجهات نست المعادلة السياسية، ولو أعطيت لأهل الجماعات ما يريدون لكانوا اليوم يسبحون بالحكومة، لكن الحكومة انتقالية وتعمل على حماية الوضع الأمني والاقتصادي وحماية العلاقات الخارجية، رضيت أن أزعل الجميع وأرضي ضميري وأرضي الشارع”.

وتابع أن “المشكلة تكمن في العرف السياسي، فمن حق الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية، لكن حصل فشل خطير منذ 2003 وحتى تكليفي، ونحن نحتاج لإعطاء جرعة أمل للشارع”، مبيناً أن “معظم الوزراء كانوا من داخل الوزارات، لذا كان هناك عدم ارتياح من قبل البعض وقبول على مضض من قبل البعض الآخر”.

وذكر أنه “قالوا عني إنني بعثي، وهذه الاتهامات مضحكة، فكل إنسان يعكس طبعه، هذه التهم باطلة، وأنا لا أخوِّن أحد ولا أخون، ومن يخون أخاه ضعيف النفس، وليس لديه إحساس بالثقة الكاملة، أنا عراقي وطني مؤمن، شربت من دجلة والفرات وتربيت على قيمة وطنية وعلى تاريخ سومر وعلى قيم الإمام علي والصحابة، وافتخر حينما يقال عني إنني سني أو شيعي أو كوردي والخ.. وكلما زادت الاتهامات كلما أثبت ذلك وطنيتي”.

“من العيب وصف المتظاهرين بالجوكرية”

وفيما يتعلق بالتظاهرات التي يشهدها العراق منذ تشرين الأول الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي: “من العيب تسمية الشهداء الـ560 بالجوكرية، هؤلاء شبابنا وأولادنا ويجب أن نضعهم في أعيننا لأنهم انتفضوا على واقع مظلم”، مبيناً أن “الفوضى سمحت للقوى الخارجية الفاسدة بكسر هيبة الدولة”.

ومضى بالقول إن “الكثير من القوى السياسية موجوعة مما يحدث وتحاول ركوب قطار المشروع الوطني العراقي”.

وأشار إلى أن “الجرحى يُبكون الجبل”، لافتاً إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن ضحايا التظاهرات، مشيراً إلى أن الأمر يحتاج إلى الصبر والوقت.

ودعا الكاظمي إلى الإبلاغ عن حالات تهديد الناشطين، بالقول: “أي شخص يتعرض للمضايقة فليراجع مكتبي وأنا مستعد لمتابعة الملفات بنفسي”.

“توصلنا لخيوط حول جريمة قتل هشام الهاشمي والآخرين” 

ورداً على سؤال بشأن آخر التحقيقات في اغتيال المحلل الاستراتيجي، هشام الهاشمي، أوضح أن اغتيال الهاشمي “كان جريمة بشعة وسوف نلاحق قتلة هشام وما زلنا في مرحلة التحقيقيات ووصلنا لخيوط”.

وشدد على أنه “سنعلن النتائج في الوقت المناسب ليس هو فقط بل كل الشهداء، وسنكشف عن كل العصابات المنفلتة، لكن هذه قضايا أمنية تحتاج إلى تحقيقات سرية”، مبيناً أن “القتلة لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن”.

وأشار إلى تنفيذ “عمليات نوعية سيئة لإرباك الحكومة وأظهارها كحكومة ضعيفة، لكن أبشر أهلي بالإعلان قريباً عن جرد بالعمليات الأمنية المنفذة منذ 3 أشهر ولحد الآن حيث تم اعتقال العشرات من الفاسدين وجماعات الجريمة ومن ينفذون عمليات خارج إطار القانون من أجل فرض النظام”.

وعن تفاصيل هذه العمليات الأمنية، أكد أنها نفذت “في البتاوين وسط بغداد، وأخرى بطلب العشائر في شمال البصرة وجنوب العمارة إضافة إلى حملة على المنافذ الحدودية وحملات ضد عصابات المخدرات ومكافحة الفساد وهي تضم أسماء كبيرة”.

“نواجه أخطر أزمة اقتصادية في التاريخ”

وحول الوضع الاقتصادي، أوضح: “الآن نواجه أخطر أزمة اقتصادية مر بتاريخ العراق، لكننا نعمل لتجنيب المواطن البسيط تبعاتها، فقد استملت خزينة خاوية وسوء تخطيط وإدارة فاشلة تعتمد على النفط، أي النفط أو الموت، في حين ليس هناك دولة تعتمد على النفط بنسبة 95%، أين الزراعة أو الصناعة؟ هذه سياسة شخص كسول”.

ووجه الكاظمي حديثه للشعب العراقي بالقول: “هناك من خدعكم، من خلال الاهتمام بالموظفين بدلاً من القطاع العام، فنحن لدينا 4 ملايين موظف”، لافتاً إلى “تقديم ورقة إصلاح بيضاء وهي تحتاج إلى التعاون بين الشعب والحكومة “.

“ملفات فساد خطيرة”

وعن تشكيل المجلس الأعلى للفساد، أشار إلى أنه “ليس بديلاً عن هيئة النزاهة لكن الهيئة تعرضت للتسييس لذا هي تحتاج وقت لأخذ مبادرات للقيام بعملها”، مبيناً أن المجلس وضع يده على ملفات خطيرة، وهو لا يختص بالفساد فقط بل بالقضايا الكبرى ومنها قضية هشام الهاشمي.

وكشف الكاظمي عن “عملية خداع للدولة ليستفيد منها عدد من التجار، وكمرحلة أولى تم ضبط 5 الاف شخص في وزارة التربية يأخذون 4 رواتب من الدولة”، مبيناً أن “هناك تلاعباً بملايين الدولارات في رواتب المتقاعدين وسنذكر التفاصيل لاحقاً”.

“تعذر فرض الإغلاق الوقائي من كورونا”

وعن انتشار فيروس كورونا وكيفية التعامل معه، أكد الكاظمي أن “ملف الصحة تحدٍ عالمي، والإصابات تزيد بسبب زيادة الفحوصات، وبالمقارنة مع دول العالم هو معدل جيد ومقبول”.

وأضاف أن الحكومة تحث على التباعد الاجتماعي، “لكننا لا نستطيع فرض الإغلاق بسبب عدم توفير بدائل للمواطنين بعكس الدول الأخرى”.

“لا نتدخل ولا نقبل التدخل الخارجي”

حول السياسة الخارجية للعراق، بيّن أن “سياسة الحكومة تتمثل بالتوازن ورفض التدخل في شؤوننا وفي نفس الوقت نحن لا نتدخل في شؤون غيرنا.. علاقاتنا مع الدول العربية وإيران جيدة، في حين هناك من يتمنى أن تكون لدينا علاقات سيئة مع إيران”. 

وتابع: “نعمل بجد لتذليل الصعوبات وبناء توازن مع الجميع، كما أن أوروبا شريك حقيقي وقريب من العراق، وساعدنا في حرب داعش ويمكن أن يكون له دور في الاستثمار، كما لدينا علاقات مع إيران وتركيا والدول العربية، ليكون العراق جزءاً من المنظومة العالمية ولا يكون في عزلة”.

“أغلب القوى السياسية كانت لا تريد إجراء الانتخابات المبكرة”

وبشأن الانتخابات المبكرة المقررة في السادس من حزيران المقبل، شدد على أنه حدد هذا الموعد “بعد حديث عن أن الكاظمي يتمسك بالسلطة ولا ينوي تسليمها”.

وأكد أن الموعد تم “وفق رؤية وبرنامج حكومي، أنا وفيّ لالتزامي ومطالب الشعب والمرجعية والقوى السياسية”، مبيناً أن “أغلب القوى السياسية كانت لا تريد انتخابات مبكرة، لكن هنالك الآن مطلب شعبي وضغوط دولية وقد بدأنا بتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات”.

ولفت إلى أن على البرلمان الاتفاق على الدوائر الانتخابية وحسم المحكمة الاتحادية، “لأنه كلما تأخر ذلك جعل الانتخابات في وضع حرج”.

“علاقاتي مع القوى السياسة متوازنة”

وفي ما يتعلق بعلاقاته مع القوى السياسية، ذكر أنه يأخذ “الأمور على حسن النية، وعلاقتي جيدة ومتوازنة مع القوى السياسية، وإن كان هناك من ينتقدني”.

وأوضح أن “الاتهام بانحيازي للسيد مقتدى الصدر فيه ظلم، وأنا أقدّر مواقفه الوطنية، وأحميها وأدعمها، ولا أحد يزايد على مواقف السيد مقتدى الصدر الوطنية والتأريخية، فهو سيد المقاومة، وهذا ليس انحيازاً”.

واختتم حديثه بالتطرق إلى تشكيل مجلس الخدمة، بالقول إن “أغلب الوظائف تنتعش وقت الانتخابات، لكننا نعمل على توفير كل ظروف نجاح مجلس الخدمة، الذي سيبت في طلبات التوظيف بدون فساد أو محسوبية أو انحياز”.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *