فشل إقرار موازنة عام 2020 وغموض حوارات الغرف المظلمة
متابعة / عراقيون /
عقد يوم الأحد 07/09/2020 ، اجتماعاً مشتركاً برئاسة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ، ورئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي، لمناقشة الموازنة العامة للدولة للعام 2020 ، حضره عدد من الوزراء والنوّاب والمستشارين ، لأجل تمرير الموازنة كونها واحدة من أهم أهداف المنهاج الوزاري للحكومة ، ولكن يبدو ان اللقاء فشل ولأسباب متعددة .
وحمل عضو اللجنة المالية النيابية ، النائب محمد صاحب الدراجي البرلمان والحكومة مسؤولية التأخير وهو واجب دستوري ، وعدم إقرارها اخلال بالدستور ” .
وكشف الدراجي أن حجم موازنة عام 2020 يقدر بـ 148 تريليون دينار، بإعتماد سعر برميل النفط عند 40 دولارا، وبين المصدر ان الدرجات الوظيفية رحلت الى موازنة العام المقبل، فيما دعا لتدقيق فواتير المصارف المشتركة في مزاد العملة”. وأضاف، أن “إيرادات الموازنة تقدر بـ 67 تريليون دينار”، مؤكدا أن “الموازنة ستكون عبارة عن رواتب للموظفين وتشغيلية خاصة للنفقات الحكومية الضرورية”. وأكد أن “الموظفين الذين أحيلوا الى التقاعد خلال العام الجاري لم يتم شغل درجاتهم الوظيفية”.
وبشأن الاقتراض، أوضح الدراجي، أن “الاقتراض ليس من مصلحة الاقتصاد العراقي والاعتماد عليه قد يؤدي الى الإفلاس مستقبلا”، مؤكدا أن “ديون العراق الخارجية تقدر بـ 120 تريليون دينار عدا تعويضات الحروب التي تقدر بـ 40 تريليون دينار”.
ولفت الى أن “لجنته ألزمت الحكومة بتقديم ورقة الإصلاح الاقتصادي مقابل الاقتراض”، منوها الى “وجود إجراءات عدة يمكن اتخاذها لتعظيم الإيرادات بدلا من اللجوء الى الاقتراض”.
وبخصوص مزاد العملة الصعبة، بين الدراجي، أن “مجموع ما تم بيعه من الدولار في مزاد العملة الصعبة لدى البنك المركزي للفترة من 1/1/2020 والى 1/9/2020 يبلغ 27 مليار دولار”، مشددا على “ضرورة تدقيق فواتير المصارف المشتركة في مزاد العملة”. وأشار الى أن “مزاد بيع العملة ليس من صلاحية البنك المركزي وإنما من مسؤولية الحكومة وتحديدا وزارة المالية”، مؤكدا أن “قانون البنك المركزي لا يوجد فيه بيع للدولار”.
من جهته كشف وزير التخطيط نجم بتال بأن الموازنة الجديدة تخلو من أي مشروع جديد وأشار الى وجود 6250 مشروعا قيد الانشاء بحاجة الى توفير 126 ترليون دينار لإكمالها” مبينا ان “هذا العدد الكبير من المشاريع تسبب عدم ادراج اي مشروع جديد في قانون الموازنة الجديدة”. وأوضح بتال خلال استضافته بجلسة البرلمان اليوم الثلاثاء ان تلكأ اتمام المشاريع ادى الى عدم تقديم الخدمات للمواطنين منها وجود 42 مجمعا سكنيا غير منجز يحتاج الى اعادة احصائها بشكل دقيق للشروع بإنجازها، فضلا عن ضرورة وضع خطة اصلاحية حقيقية لمعالجة التلكؤ بتنفيذ المشاريع.
وبين وزير التخطيط أن الوزارة أوعزت بإيقاف الالتزامات الدولية لأجل ضغط وحدات الانفاق ما ادى الى حرمان بعض المحافظات من الخدمات، مشيرا الى استثناء بعض المشاريع في المحافظات التي لديها اموال لتنفيذ مشاريعها ودون مطالبتها بأموال اضافية لحين توفر السيولة”. وأكد على “أهمية التوجه للبدائل في تخصيص الأموال للمشاريع الحيوية لاستكمالها خاصة المؤسسات الصحية والمجمعات السكنية في المحافظات،” لافتا ان “ادراج اي مشروع جديد يتطلب ادراجه ضمن قانون الموازنة العامة الاتحادية أو يلبي اي فجوة تنموية”.
وتواجه السلطات العراقية صعوبات جسيمة في إقرار الموازنة الاتحادية كل عام مع ملاحظة غياب الحسابات الختامية للتي قبلها بسب الخلافات السياسية بين الفرقاء ورؤساء الكتل وغموض كبير حول الاتفاقات السرية وشروط تمريرها في الغرف المظلمة .
إعلامياً رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي شكل خلية طوارئ للإصلاح المالي في آيار/مايو لمواجهة العجز الكبير وإعداد قانون الموازنة بخزينة شبه خاوية على حد تعبير الكاظمي في مقالة نُشرت سابقًا أشار فيها إلى أزمة تشمل كل مؤسسات الدولة، بعد أن فشلت حكومة عادل عبد المهدي بإرسال مشروع القانون إلى مجلس النواب بسبب ارتفاع كبير في عجز الموازنة التخميني.
وفي أحدث تصريحات لوزير المالية الجديد، علي علاوي، استبعد إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2020، مبيناً ” أن الحكومة تعمل على التحضير لموازنة العام القادم “.
وقال علاوي في تصريح صحفي، إن “إقرار مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 أمر مستعبد، وأن الحكومة تعمل على التحضير لموازنة العام القادم، حيث نحتاج إلى 7 تريليون ونصف تريليون دينار للنفقات التشغيلية، وسنستمر بالاقتراض من المصارف المحلية لتمويل الرواتب والنفقات الحاكمة “.
وأضاف، أن “الحكومة تعمل على الاقتراض من البنك الدولي لمعالجة الأزمة المالية”.
وشبه خبراء اقتصاديون ومتابعون سياسيون الوضع الحالي بعام 2014 التي أدخلت داعش للعراق وطالب الطرقان بوجوب إقرار الموازنة المالية السنوية لعام 2020، وعدم تكرار الخرق الدستوري الذي حصل عام 2014، عندما تأخر إقرار الموازنة ، وأوضحوا ” إن غياب الارادة السياسية وعدم الجدية في احتواء الازمات التي يعاني تبعاتها عموم الشعب العراقي، كل ذلك أدى تأخر اقرار موازنة هذا العام “.
من جهتها، قالت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، “نحن اليوم نعاني غياب الشفافية وعدم جدية الحكومة في اقرار الموازنة السنوية، وخير دليل على ذلك الغياب غير المبرر لعدد من النواب، عن جلسات مجلس النواب المعنية بالموازنة” . وتابعت، انه “من المهم جدا حسم موضوع الموازنة لهذا العام، وخلاف ذلك سيدخل العراق في مآزق مالية يصعب حلها” ، مستدركة في حديثها: ” لكن هذه الخطوة بحاجة الى ارادة سياسية وجهود حقيقة”.
ورأت سميسم ان ” الحديث عن وجود مساع لإقرار موازنة هذا العام 2020، عبارة عن كذبة ! وذلك لتناقل أخبار عن اتجاه الجهود الآن إلى إعداد موازنة عام 2021، التي من المفترض تقديمها في تشرين الأول من هذا العام، وبذلك نكون قد وصلنا إلى مرحلة يكون الوقت فيها غير متاح لإقرار موازنة 2020″ .