تراشق سياسي بشأن ’عقدة’ الانتخابات المبكرة.. كيف يُحل مأزق المادة (15)؟
تصاعدت حدة التراشق والسجال السياسي بين الأحزاب والقوى العراقية، بشأن توزيع دوائر الانتخابات ضمن القانون الجديد، فيما قُدمت عدة مقترحات لحل الأزمة.
وصوت البرلمان العراقي، نهاية العام الماضي، على قانون جديد للانتخابات، يضمن تقسيم المحافظة إلى عدة دوائر انتخابية، لمنح المستقلين فرصة أكبر في الفوز بالمقاعد النيابية، وذلك تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية.
غير أن البرلمان لم يحسم عدد الدوائر في كل محافظة، وطريقة توزيعها، بسبب غياب بيانات السكان، وأعدادهم الحقيقية في كل منطقة، لكن تحديد موعد الانتخابات المقرر في السادس من حزيران المقبل، دفع البرلمان مؤخراً إلى فتح ملف القانون، لاستكماله.
رفض كردي
وترى الكتل الكردية أن قانون الانتخابات المعدل سيحرمها من أصوات الأكراد في الأقضية المختلطة التي يشكلون فيها أقلية، مع عدم قدرة السكان على انتخاب من يمثلهم.
وقال النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني شيروان ميرزا، إن ”موقف الاتحاد الوطني وبقية القوى الكردية بشكل عام رافض لقضية الدوائر المتعددة، وداعم للعودة إلى القانون السابق باعتبار كل محافظة دائرة انتخابية واحدة“، مبيناً أن ”القوى الكردية لم تشترك في الجلسة التي تم التصويت فيها على الدوائر المتعددة“.
وأكّد ميرزا في تصريح صحفي، أن تحالفه ”سيقوم بمحاولة تعديله أو الطعن به“.
وأشار إلى مقترحات عدة مطروحة في نقاشات الكتل السياسية، بينها ”أن تقسم كل محافظة بين 3 و5 دوائر، أو ما بين 4 و8 دوائر، فضلاً عن مقترح آخر بأن يكون لكل مقعد دائرة انتخابية“، موضحاً أن ”الصيغة الأولى هي الأقرب للتواصل بين القوى السياسية“.
ولا تستيطع القوى السياسية العراقية العودة إلى الوراء، واعتماد آلية القائمة الواحدة للمحافظة، بسبب تصويت البرلمان على الدوائر المتعددة، غير أن الخلاف يدور في كيفية توزيع تلك الدوائر.
وظهرت إلى العلن خلافات مناطقية بين الأحزاب والقوى، بشأن تقسيم المحافظات، وذلك تبعاً لأوزان تلك القوى، وقدرتها على جذب الناخبين.
خلافات بشأن التقسيم
ففي محافظة صلاح الدين على سبيل المثال، رفض النائب جاسم الجبارة، التقسيم الأولي المتداول.
وذكر في بيان، أنه ”في الوقت الذي نحن فيه مع تعدد الدوائر الانتخابية في كل العراق نسأل هنا عن أسباب فصل دائرة تكريت عن دائرة العلم؟ حيث يعتبران دائرة انتخابية واحدة، ولا مانع من إضافتها إلى أي دائره أخرى بشكل موحد“.
وأضاف الجبارة ”التقسيم من دوافع ورغبات شخصية تدار خلف الكواليس وهذا ترتيب لجهات سياسية محددة وتفصيل لاستمرار الهيمنة المستقبلية التي نعمل على تصحيحها، ولنا أن نسأل لماذا (الطوز وآمرلي) معاً؟ ولماذا (الضلوعية وبلد) معاً لماذا لم تقسم (سامراء، والشرقاط أو الطوز)؟ علماً أن الأصوات المعتمدة في الانتخابات هي حسب بيانات سنة 2010“.
ومن شأن ذلك، إثارة الصراع بين الأحزاب والقوى، إذ ترغب بعضها في توحيد الأقضية والنواحي التي تضم جمهورها بدائرة انتخابية واحدة، فيما ترى أخرى غير ذلك.
ويقول القيادي في حزب الحق العراقي، مؤيد الفرحان، إن ”بوادر الخلافات ظهرت منذ بدء تداول التقسيمات الأولية للدوائر الانتخابية، وهذا قد يفجّر صراعاً بين الأحزاب، خاصة وأن بعضها تمتلك أجنحة مسلحة، ومجموعات في الحشد الشعبي، أو قد يجرّنا إلى تنافس انتخابي شرس، يكون السلاح فيه حاضراً لمنع ناخبين من الاقتراع، والسماح لآخرين، وفق المصالح والمكاسب“.
وأضاف الفرحان لموقع “إرم نيوز“، أن ”هذه المسألة سياسية وفنية، ولا بد من اعتماد هذين المعيارين في تحديد شكل الدوائر المتعددة، بعيداً عن القوى والأحزاب التي بدأت تشكك في كل شيء، وتسعى إلى ضمان مصالحها، على حساب العملية الانتخابية ونزاهتها“.
وجاء تعديل نظام الدوائر بعد الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي شكّل أحد أبرز مطالبها تعديل قانون الانتخابات إلى صيغة تضمن شفافية ونزاهة عملية الاقتراع.
وعقد مجلس النواب جلسته الأولى في الفصل التشريعي الثالث السبت الماضي، ولم يتوصل إلى أي اتفاق بشأن تلك المادة.
الاتفاق السياسي قبل الفني
ويقول الخبير القانوني علي التميمي، إن ”الاتفاق السياسي سيكون حاضراً في توزيع الدوائر الانتخابية، ومن ثم تأتي القضايا الفنية، وتعليمات وزارة التخطيط، إذ إن القوانين في العراق تسير وفق الضوابط السياسية بالدرجة الأولى“.
وأضاف، أن ”الأقضية التي تضم 100 ألف ناخب يمكن جعلها دائرة انتخابية، وبعض المحافظات تضم نازحين ومرحلين، يمكن دمج أكثر من قضاء ضمن دائرة انتخابية واحدة، للخروج من المأزق، خاصة مع غياب التعداد السكاني، الذي يحدد عدد الناخبين“.
وتابع ”أمام البرلمان وقت طويل لتحديد تلك الدوائر، وإنهاء هذا الملف، باعتماد البيانات الموجودة، لدى وزارة التخطيط“.
وفي محافظة نينوى، ثاني أكبر محافظة عراقية، رفضت جبهة الإنقاذ والتنمية التي يتزعمها أسامة النجيفي، التقسيم الأولي المتداول للمدينة.
وقالت الجبهة في بيان، إنه“تجري حالياً خلف الكواليس حوارات وتسريبات حول تقسيم الدوائر الانتخابية تمهيداً لإنجاز قانون الانتخابات الذي سبق وأن أقره مجلس النواب، وما تزال تنقصه بعض الأمور الفنية وأبرزها تقسيم الدوائر الانتخابية وفق مبدأ تعدد دوائر المحافظة الواحدة “.
وأضاف البيان، أن ”الجبهة حذرت في بيانات سابقة من مغبة فرض بعض الجهات المتنفذة رغبتها في تقسيم الدوائر وفق طريقة لتحقيق مصلحتها الذاتية، والحفاظ على مقاعدها، وعدم الاكتراث للمصلحة الوطنية وتلبية مطالب الإصلاح والتغيير التي طالبت بها النخب الوطنية، وأبناؤنا المتظاهرين في ساحات الاعتصام والتظاهر“.