الشام الجديد: مشروع ’غامض’ بأهداف كبيرة .. أين سوريا؟
بغداد – عراقيون
عاد مشروع “الشام الجديد” الذي يربط العراق ومصر عبر الأردن إلى الواجهة ، ويركز هذا المشروع على التعاون الاقتصادي وتعزيز الجوانب الاستثمارية والتجارية بين البلدان، فيما زال الغموض يحيط تفاصيل المشروع الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية.
وكان الكاظمي قال في حوار مع صحيفة واشنطن بوست إن “مشروع بلاد الشام الجديدة وفق النسق الأوروبي سيتم طرحة على قادة مصر والأردن، مشيرا إلى أن هذا المشروع سيتيح تدفقات رأس المال والتكنولوجيا بين البلدان الثلاث على نحو أكثر حرية.
وفي قمة ثلاثية بين العراق ومصر والأردن تقول مصادر، إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي طرح على الرئيس المصري والعاهل الأردني، مشروع “الشام الجديد”، حيث يقوم المشروع على التفاهمات الاقتصادية بين الدول الثلاث، ويتوقع أن يشجع الدول على ضخ استثمارات جديدة في المنطقة.
وتعتمد رؤية المشروع على التكامل بين مصر، التي تمثل كتلة بشرية، والعراق ككتلة نفطية، كما سيستفيد منه الأردن؛ علماً أنّه سبق لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي أن طرح المشروع في البداية، وأطلقت الدول الثلاث آلية للتعاون بدأت من القاهرة في آذار 2019.
تحوّلات إقليمية
ويتزامن إطلاق المشاورات حول “الشام الجديد” الآن مع تحولات إقليمية كبرى تطبيع العلاقات الإماراتية – الإسرائيلية، وتصاعد حدة التوتر بين واشنطن وطهران، ويقول المراقبون إن “الشام الجديد” ربما يكون مرتبطا بهذه التحولات.
مشروع “الشام الجديد” هذا يختلف عن مشاريع سابقة طرحت لتحالفات دول منطقة الشرق الأوسط ، ووفق المشروع ، سيُمدّ خط أنبوب نفطي من ميناء البصرة جنوب العراق، وصولاً إلى ميناء العقبة في الأردن ومن ثم مصر.
ومن المقرر كذلك أن تحصل كل من الأردن ومصر على النفط العراقي بخصومات تصل حتى 16 دولاراً للبرميل ، في حين يستورد العراق الكهرباء من مصر والأردن، ويعمل على استقطاب الاستثمارات إلى العراق.
ويبلغ الناتج المحلي لكل من العراق ومصر والأردن مجتمعين نحو 500 مليار دولار، في حين تصل الكثافة البشرية فيها إلى نحو 150 مليون شخص.
في هذا السياق، يقول المحلل السياسي عماد محمد، إن “المشروع لم تتضح ملامحه بعد، وليس هناك تصريحات أو بيانات من جهات رسمية، وما يُشاع في الوقت الحالي هو عبارة عن تحليلات سياسية فقط ، لكن بوصلة المؤشرات تشير إلى وجود مشروع مشترك بين الأطراف الثلاثة، يفرضه الوضع الإقليمي، والتطورات الحاصلة في المنطقة، والتوجه نحو التكتلات والاستقطابات”.
مصلحة العراق .. حجر الزاوية
وأضاف محمد لوكالة “عراقيون” أن ” حجر الزاوية في ذلك، هو مصلحة العراق، ولا مشكلة في الانضمام إلى مثل هذا التحالف ، لكن ما يحصل في العراق أن التحالفات والاتفاقيات ربما تنفض بعد تغيير الحكومات، وهذا لا يصب في صالح البلاد”.
وتابع ، “على الحكومة والقوى السياسية، تشكيل مجلس استشاري مصغر، لدراسة جدوى الانضمام إلى هذا التحالف ودراسة مجمل أبعاده، وفق الواقع وتطورات المرحلة الراهنة، وإطلاع الشعب العراقي، على طبيعة هذا الحِلف، واتخاذ قرار جريء سواءً بالانضمام إليه أو تركه”.
وتعود جذور المشروع لما قبل تصريح الكاظمي وقمة عمان، حيث كان محوراً لدراسة أعدها “البنك الدولي” في آذار من العام 2014، لكن بخريطة جغرافية أوسع، واشتملت على دول الشرق الأوسط، سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، بالإضافة إلى تركيا والعراق ومصر، في مساحة جغرافية إجمالية تصل حتى 2.4 مليون كم مربع، وخزان بشري يفوق ربع مليار إنسان.
أين سوريا؟
وهذا التكتّل الذي يحمل اسم “مشروع بلاد الشّام الجديد” لا يضم الدولة التي تحمل تاريخيًّا اسم الشّام، (سوريا) وهي الدولة المُحاذية للدّولتين الأبرز فيه أيّ الأردن والعِراق، وكانت تُعتبر حليفًا تاريخيًّا لمِصر والعِراق، لكن قربها من المحور الإيراني والروسي، وابتعاده عن خط الولايات المتحدة والدول الحليفة لها في المنطقة، ربما لم يؤهلها للدخول لنادي “الشام”، فضلاً أوضاعها المادية وحاجتها إلى الأموال اللازمة لإعادة الإعمار، والتخلص من الإرهاب، ما يجعلها حملاً ثقيلاً على الدول المشاركة في هذا الحلف.
بدوره، كشف القيادي في ائتلاف النصر العراقي، عقيل الرديني، تفاصيل مشروع الشام الجديد، مشيراً إلى أنه بدأ منذ ولاية حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.
وقال الرديني، في تصريح صحفي، إن “مشروع الشام الجديد وفق النسق الأوروبي الذي تحدث عنه الكاظمي ، ليس وليد اليوم وإنما طرح في زمن رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي”.
وأضاف أن “المشروع العملاق يقوم على أساس التفاهمات الاقتصادية والسياسية بين العراق ومصر، وقد دخلت الأردن على خط المشروع مؤخرا”، مبينا أن “المشروع قائما على أساس أن مصر تمثل كتلة بشرية والعراق كتلة نفطية، والأردن دخلت على الخط للاستفادة من خدمات كليهما”.
وتابع القيادي في ائتلاف النصر، أن “هناك نية لدى حكومة مصطفى الكاظمي لإكمال هذا المشروع ، خصوصا وأن الأردن ومصر تعتمدان السياسية المعتدلة”.
ويقول مراقبون للشأن العراق، إن المشروع الجديد المشروع يستهدف إيران، خاصة أن الأخيرة استخدمت العراق في تبادل تجاري كبير ومصالح فاقت 20 مليار دولار ما مكنها من التغلب على العقوبات الأمريكية، وعلى هذا الأساس هناك تخوف كبير على هذا المشروع في ظل التصعيد الأمريكي، إلا أن هذا المشروع يمتاز بتوفر الجدية في عملية التكامل الاقتصادي، كما يحظى بدعم الشعوب وحاجتها لهكذا مشروع وهي التي ضغطت ودفعت إنتاج هذا الاتفاق وهذه مقومات ذاتية قوية.
فيما يقول آخرون، إن المشروع يهدف إلى إيجاد توازن موضوعي في الشرق الأوسط يجابه المشروعين الإيراني والتركي، خاصة وأن تلك الدول تشترك في الضرر اللاحق بها من الصعود المتنامي لإيران بالنسبة للعراق، وتركيا بالنسبة لمصر.