تقرير يسلط الضوء على نفوذ داعش الرقمي: ما زال يحايل على مواقع التواصل
كشفت دراسة قام بها خبراء، ان تنظيم داعش استخدم طرقا للمراوغة على وسائل التواصل الاجتماعي من بينها “فيسبوك”.
وذكرت شبكة “بي بي سي” في تقرير لها، تابعته “عراقيون” إن دراسة جديدة أظهرت أن حسابات على منصة “فيسبوك” ذات صلة بتنظيم داعش لا تزال تلجأ إلى استخدام طرق للمراوغة وعدم رصدها على شبكة التواصل الاجتماعي، حيث تضمنت أساليب بعض هذه الحسابات مزج مواده مع محتوى منصات أخبار حقيقية، مثل أخبار تلفزيونية مسجلة أو استخدام موسيقى شعار “بي بي سي نيوز”.
كما اخترقت الشبكة حسابات على فيسبوك، ونشرت مقاطع فيديو تعليمية لتعليم جهاديين آخرين كيفية عمل ذلك.
وقالت منصة فيسبوك إنها “لا تتهاون مع الدعاية الإرهابية”.
واستطاع معهد الحوار الاستراتيجي، الذي أعد الدراسة، تتبع 288 حسابا على فيسبوك ذي صلة بشبكة معينة لتنظيم داعش على مدى ثلاثة أشهر، وتمكنت المجموعة التي تقف وراءها من استغلال ثغرات في أنظمة الإشراف الآلية واليدوية على فيسبوك، لتسجيل عشرات الآلاف من المشاهدات لموادهم.
وقال فيسبوك إنه جرى إزالة معظم هذه الحسابات الآن، كما عثر على شبكات لمؤيدي تنظيم داعش تهدف إلى “التآمر وإعداد وشن غارات إليكترونية” على صفحات فيسبوك أخرى، بما في ذلك صفحات خاصة بالقادة العسكريين والسياسيين الأميركيين.
ويقول باحثو المعهد إنهم شاهدوا عملية نشر لحظية لتعليمات موجهة لمتابعين بغية إغراق أقسام التعليقات بالمواقع بمواد إرهابية، كما استهدف هجوم صفحة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على فيسبوك بحسابات أميركيين من أصول أفريقية مزيفة، مع وضع صور أخرى لهجوم 11 أيلول 2001 على صفحات وزارة الدفاع الأميركية وأكاديمية القوات الجوية، إلى جانب رسائل.
وفي نيسان الماضي، بدأت سلسلة من حسابات على منصة تويتر في إرسال روابط إلى “حفلة مشاهدة جماعية” على فيسبوك.
ويقول باحثو المعهد إن هذا كان جزءا من محاولة منسقة “للسيطرة على مناطق نفوذ رقمية” على فيسبوك.
وشاركت الشبكة محتوى فيديو حصل على عشرات الآلاف من المشاهدات، وامتدت إلى منصات أخرى مع روابط لتطبيقات “تليغرام” و”واتساب” ومواقع خاصة بتنظيم داعش و”ساوند كلاود”.
ويعتقد الباحثون أن مستخدما في وسط الشبكة تمكن من إدارة نحو ثلث، (90 من أصل 288)، من ملفات التعريف على فيسبوك.
وكان هذا المستخدم، في بعض الأحيان، يتباهى باحتفاظه بـ 100 حساب وصفها بـ “غنائم حرب”، وقال: “إنهم يحذفون حسابا، وأستبدله بـ 10 حسابات أخرى”.
وتحقق ذلك عن طريق تسجيل أرقام هواتف حقيقية في أميركا الشمالية، والبحث عن حسابات فيسبوك ذات صلة بها.
وفي حالة التطابق يطلب إرسال رمز إعادة تعيين إلى رقم الهاتف، على نحو يحجب استخدام صاحب الحساب الأصلي واستخدام ملف تعريف فيسبوك لنشر المحتوى.
شعارات مطموسة
ويقول الباحثون إن مفتاحا آخر لبقاء محتوى تنظيم داعش على المنصة هو الطريقة التي تعلم بها مؤيدو تنظيم داعش تعديل محتواهم للتهرب من الضوابط.
وشمل ذلك: تقسيم النص واستخدام علامات ترقيم غريبة للتهرب من أي أدوات تبحث عن الكلمات الرئيسية، وعدم وضوح علامة تنظيم داعش أو إضافة مؤثرات خاصة للفيديو على فيسبوك، وإضافة علامة تجارية لبث محتوى إخباري خاص بمحتوى تنظيم داعش.
وحاول فيسبوك تطوير طرق تهدف إلى تجنب إزالة المحتوى الإخباري المنشور، والذي يحتوي على مقتطفات من مواد خاصة بتنظيم داعش، وكانت هذه محاولة للاستفادة من ذلك.
وفي إحدى الحالات، جرى تحميل مقطع فيديو لتنظيم داعش، يبدأ بثلاثين ثانية يعرض محتوى من قناة “فرانس 24” الإخبارية كمقدمة قبل أن يعرض 49 دقيقة من فيديو لتنظيم داعش
وفي حالة أخرى، تم استخدام مزج بين موسيقى مقدمة محتوى بي بي سي نيوز مع أغنية شعبية شاع استخدامها خلال تفشي فيروس كورونا لإخفاء محتوى خاص بتنظيم داعش.
واستطاعت الشبكة التكيف وأفلتت بسهولة من خلال الانتقال من حساب إلى آخر.
وأثناء إزالة الحسابات سخر أعضاء الشبكة من فيسبوك علنا ووصفوها بأنها لا تفهم الطريقة التي يمكنها التعامل بها على المنصة.
وشمل متابعو وأصدقاء حسابات فيسبوك رئيسية متابعين من عدد من مجموعات مختلفة ذات اهتمام لغوي، بما في ذلك مجموعات ألبانية وتركية وصومالية وإثيوبية وإندونيسية.
ويقول الباحثون إن هذه الحسابات لا تبدو خاضعة للإشراف بشكل كبير مقارنة بحسابات تنظيم داعش باللغتين العربية والإنجليزية.
وعلى حساب باللغة الإندونيسية، عثر الباحثون على مقطع فيديو، جرى تصويره في مطبخ، لرجل يتخفى خلف قناع يشرح كيفية صنع المتفجرات باستخدام أدوات منزلية.
وحصد الفيديو 89 مشاهدة، وجرت مشاركته من خلال 41 حسابا آخر من اللغات الإندونيسية والعربية، وتم الإبلاغ عنهم على فيسبوك.
كن جانبه أفاد مصطفى عياد، المشرف على التقرير: “تقريرنا يتناول سلوك المراوغة لحسابات تدعم تنظيم داعش على فيسبوك، مضيفا “إنها عملية غوص عميق داخل أعمال شبكة دعم إرهابية واحدة، مرتبطة بعدد من الشبكات الأخرى عبر المنصة”.
وقال “الأساليب التي نسلط الضوء عليها في تقريرنا تتغير أثناء حديثنا، وبدون فهم واضح لهذه الشبكات وسلوكياتها، فإن طرق الاستجابة التي تعتمد على عمليات الإزالة لن تفعل الكثير لقمع التوسع في دعم تنظيم داعش عبر منصاتنا الأساسية”.
ويقول المعهد إن أنظمة الكشف الآلي واليدوي في فيسبوك تحتاج إلى تحديث، مع إجراء تحقيقات استباقية إزاء تكرار الحسابات المسيئة وعلاقاتها بالحسابات الأخرى على المنصة.
ويضيف أن المنصة تحتاج إلى إعادة فحص بروتوكولات أمان الحسابات، والتعرف على كيفية تخريب المستخدمين لهذه الإجراءات الأمنية.
ورداً على التقرير، قال متحدث باسم فيسبوك لمعهد الحوار الاستراتيجي: “أزلنا بالفعل أكثر من 250 حسابا أشار إليهم تقرير المعهد، ونراجع الحسابات الـ 30 المتبقية وفقا لسياساتنا”.
وأضاف “لا نتهاون مع الدعاية الإرهابية على منصتنا، ونزيل المحتوى والحسابات التي تنتهك سياستنا بمجرد التعرف عليها.