” نجمتان” لا ” ثلاث نجمات ” ! علي حسين
في أوائل شتاء 2009: رئيس الوزراء نوري المالكي يبدو منفعلاً وهو يُعلن :” أنّ العمليات الإرهابية التي حدثت مؤخرا كان ثلاثة من المسؤولين عنها من حزب البعث، و يتلقون الدعم من حزب البعث في سوريا وقد اعترفوا بذلك ” .
في نهار ذلك اليوم ملأ السيد نوري المالكي الفضاء بالتهديد والوعيد للنظام في سوريا ،كان السيد المالكي ” ملعلعاً ” وهو يخوض معركته ضد كل ما يمتّ الى النظام في سوريا :” طلبنا منهم الكفّ عن هذا التدخل، ولكن لم نوفق في إقناعهم، وقد وصلنا إلى نتيجة بأنهم يريدون استهداف العملية السياسية، ويريدون العودة بحزب البعث إلى الحكم مرة أخرى ” . ولم يكتف المالكي بذلك بل شمل مشعان الجبوري بصولته الذي اتهمه بأنه يحرّض على الإرهاب من خلال فضائيته ” الرأي ” التي كانت تبث من سوريا آنذاك ، : ” كيف يسمح لفضائية أن تعلّم الناس صناعة المتفجرات : كان السيد مشعان قبل ان يصبح نائباً إصلاحياً ، متفرغاً ” جازاه الله خيرا ” لتعليم العراقيين كيف يصنعون عبوات ناسفة بسبع دقائق .ولعلّ ذاكرة الإنترنت لاتزال تحتفظ لنا باللقاء الذي أجراه المالكي مع قناة العراقية في شهر تشرين الثاني من عام 2009 الذي أخبرنا فيه : أن ” الأجهزة الأمنية العراقية رصدت اجتماعاً في الزبداني ضمّ بعثيين وتكفيريين بحضور رجال مخابرات سوريين” ولايزال السيد غوغل ” حفظه الله ” يحتفظ لنا بتساؤل السيد المالكي وحيرته : “لماذا الإصرار على إيواء المنظمات المسلّحة والمطلوبين للقضاء العراقي والإنتربول على الأراضي السورية؟ ” .
بعد ثلاث سنوات بالتمام والكمال ، وفي صيف 2012 تغيّر الجو عند السيد نوري المالكي فنراه يتحول ، حيث جلس كعادته أمام قناة العراقية ليقول : “” إن نظام الرئيس السوري بشار الأسد لن يسقط ولماذا يسقط؟ ” .
في عزّ أمطار شتاء 2016 الاستاذ نوري المالكي يشمّر عن ساعده ، وهو يرفع بحفاوة علَم سوريا ، ليعلن أننا في طريق العودة الى الجمهورية العربية المتحدة ” أُمّ النجمتين ” وليست الثلاث .
ربما سيقول قارئ كريم : وهل تريدنا ان نقف مع داعش ؟ المؤسف، دائماً، أن البعض ينسى، أو يجهل، ان السياسي العراقي تحكمه الاهواء لا المبادئ ، وتتحكم به النزعات الطائفية لا الوطنية ، وإلا في أي بلد تجد مسؤولين بدرجة نواب رئيس جمهورية الأول ، أُسامة النجيفي يؤيد المعارضة السورية ” والثاني ” نوري المالكي يرفع صور بشار الأسد ” والثالث إياد علاوي ” لايدري ” ما المشكلة .
لست ضد الحرب لهزيمة عصابات داعش . أنا ياسادة ومعي ملايين العراقيين ضد إطالة العذاب السوري وتفاقم الانتهازية السياسية في العراق الكارثة السورية ليست غريبة عن الكارثة العراقية ، وهذه الخيام التي تضم ملايين السوريين لاتختلف كثيرا عن خيام أهلنا في الموصل ،الاثنتان أقرب إلينا من أحداقنا. والاثنتان سببهما غياب الضمير الوطني .