أحمد أبو عباتين يكتب :ضبط المفاهيم للتفاعل الناجز بين السلطة والنخب والمواطنين
قبل أي محاولة للتغير والإصلاح ومحاربة الفساد علينا أن نضبط المفاهيم أولاً ونحدد متطلبات التغيير ثانياً .
فالتغيير والإصلاح هما هندسة نخب ومفكرين ومراكز بحوث ودراسات قبل أن تحمله شعوب ، فعلى من يسعى لذلك أن يضبط هذه المفاهيم بمنهجية أكاديمية و بطريقة علمية ، فالحديث عن فشل المؤسسات واستقلال السلطات الثلاث وطبيعة النظام لا يعدو عن كونه تعريفاً جامداً .
النظام السياسي يحركه ويتفاعل داخله ثلاث عناصر :
أولاً : ” المواطن ” فالمواطن حلقة مفاهيمية و عملية أساسية في النظام السياسي فهو الذي يملك خاصية اختيار شكل ونوع النظام ومن يمثله ضمن الكتلة و الحزب وهو من يملك وسيلة الضغط على النظام إذا أساء اختياره ، فله الحق الدستوري والقانوني في أن يخرج ويطالب بحقوقه لتقويم عمل النظام وتعديل مساره ، وهو في نفس الوقت من يحدد من يحكمه من الكتل والأحزاب من خلال خياراته الانتخابية بين المشاركة والتقاعس وسوء الإختيار .
ثانياً : ” السلطة ” ، وهي التي أتت بفعل واختيار ” المواطن ” وأصبحت تملك و تتخذ القرار السيادي داخل النظام بفعل واختيار المحرك الأول .
ثالثاً : ” النخبة ” ، وهي من المفترض ان تكون حلقة الوصل ، ومن تملك خاصية التاثير على السلطة وعلى الموطنين ، ويقع على عاتقها تحقيق المواطنة الحقة وترسيخها في ذهن وسلوك الشعب والسلطة ، وليس بالضرورة تلك التي تملك الرصيد المعرفي و العلمي فهي تحصيل حاصل لمستوى المجتمع فيقال نخب رياضية ونخب فنية نخب سياسية و… فالغاية تكمن في خاصية التأثير ، وحينما يحقق كل فاعل خاصيته المنوطة به يعني أن النظام يتفاعل بالتدافع و بالتالي هو نظام سياسي صحي واذا اختل توازن اي منهم او اختلطت خاصية كل واحد منهم يعني فقدان التوازن .
واذا قمنا بعملية اسقاط و تقييم لكل فاعل على مسار 17 عام ، سنجد ” المواطن ” فاعل سلبي في الحركة التفاعلية ، فكم انتخابات جرت وكانت الخيارات مذهبية وقومية واثنية والخ ، واعادة تدوير العدد الكبير من الأعضاء الفاسدين وبنفس البرنامج والطريقة التي انتجت الفشل .
“السلطة ” بدورها هي كذلك كانت فاعل سلبي على اكثر من صعيد ، وتبحث تدوير الأزمات والمطالب على المستوى الظرفي لا على المستوى الإستراتيجي وتتعامل مع المطالب الجماهيرية وتستجيب لها استجابة تمتص الضغط لتخمده .
“النخبة ” وهي الحلقة المفقودة في الحركية التفاعلية داخل النظام وأصبحت تخشى سخط المواطن غير الواعي من جهة ، واستعمال الردع بالقوة من السلطة من جهة ثانية ، وبالتالي فقدت خاصية التأثير على كلا الفاعلين .
المحصلة نجد بأن ” السلطة والنظام والدولة ” نتيجة تفاعلية بين النخب والمواطنين ، ومن هذا التزاوج يخرج المولود المتمثل بالسلطة وأي عيب يشوب النخب أو المواطنين سيكون المولود مشوه وقبيح المنظر .