برهم صالح في إجتماع القمة: صبر الشعب العراقي له حدود
شارك السيد رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح، اليوم الخميس 28-5-2020، في اجتماع القمة بشأن تمويل التنمية المستدامة لمواجهة تداعيات فيروس كوفيد-19، بناءً على دعوة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو كوتيريس ورئيسي وزراء كندا جستن ترودو وجامايكا اندرو هولنس.
وقال السيد الرئيس، في كلمة عبر الدائرة التلفزيونية، “إن تبادل الأفكار وإيجاد الحلول للتنمية المستدامة في عصر فيروس كورونا هو أمر بالغ الأهمية للعالم في الوقت الذي يواجه فيه هذه الجائحة والدمار الاقتصادي والاجتماعي الذي خلفته.”
وأكد رئيس الجمهورية خلال الاجتماع، الذي شارك فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي ورئيس البنك الدولي ديفيد مالباس وعدد آخر من قادة دول العالم، أن التحديات التي نواجهها كمجتمع دولي هي تحديات ضخمة وطارئة يمكن تذليلها إن بذلنا جهوداً موحدة ومتضافرة، مشيراً إلى أن البعض يميل النظر داخلياً، وترك كل دولة تحل المشكلة لوحدها. رغم أنَّ تأثير الفيروس هو محلي، لكن الأزمة هي أزمة عالمية ولذا فهي بحاجة إلى استجابة دولية.
وأضاف السيد الرئيس” إننا ندرك تماماً بأن الطريق أمامنا سيكون طويلاً وشاقاً، لكن لا يوجد لدينا خيار سوى المثابرة والانتصار، وعلينا أن نتصرف بإحساس عال بحراجة الموقف وبعطف وحزم لإحراز نتائج إيجابية، وإلا فإننا سنخذل شعبنا وخاصة شبابنا”.
واشار رئيس الجمهورية إلى”اننا ما زلنا بلداً يمر في مرحلة التعافي. لقد تجاوزنا حرب أهلية والعنف والإرهاب الذي مارسه ما يدعى بتنظيم الدولة الإسلامية، لكن جهودنا لإعادة البناء ما زالت هشة، فالمظاهرات الشعبية في الخريف والشتاء الماضيين، والضحايا الذين سقطوا بطريقة مأساوية، تعتبر كتذكير صارخ بأن صبر الشعب العراقي له حدود”.
وأكد السيد الرئيس أن”الناس على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل مستقبل أفضل وأكثر ازدهاراً؛ وتتلخص مهمتنا، كقادة، في تلبية تلك التطلعات”، موضحاً أن”تحقيق مستقبل أكثر ازدهاراً ومعالجة مواطن ضعف الاقتصاد العراقي هي وعود قدمتها الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في برنامجها. حيث التزمت ببدء عملية الإصلاح الهيكلي بالعراق”.
وشدد رئيس الجمهورية على أننا “بحاجة إلى آليات انتقالية لسد الهوّة بما يمكننا من التطبيق الفوري لسياسات تحفيز مالية تخرجنا من الدوائر المغلقة لغرض تمكين استقرار شؤوننا المالية وإقتصادنا كي نتمكن من مجابهة تأثيرات كوفيد-19”.
وفي مايلي نص كلمة السيد الرئيس:
” أصحاب السعادة، حضرات السيدات والسادة،
أود أن أعرب عن عميق امتناني لرئيسي وزراء كندا وجامايكا وللأمين العام للأمم المتحدة لتنظيم هذا الاجتماع الهام.
إن تبادل الأفكار وإيجاد الحلول للتنمية المستدامة في عصر فيروس كورونا أمر بالغ الأهمية للعالم في الوقت الذي يواجه فيه هذه الجائحة والدمار الاقتصادي والاجتماعي الذي خلفته.
فالتحديات التي نواجهها كمجتمع دولي هي تحديات ضخمة وطارئة؛ وبالأخص في الشرق الأوسط والدول النامية، حيث تأثيرات الفيروس يمكن أن تمتد لفترات أطول وتكون لها أضرار أكثر لأنَّها أثقلت البنية التحتية الصحية.
لكن يمكن تذليل تلك التحديات إن بذلنا جهوداً موحدة ومتضافرة. فقد يميل البعض إلى النظر داخلياً، وترك كل دولة تحل المشكلة لوحدها. رغم أنَّ تأثير الفيروس هو محلي، لكن الأزمة هي أزمة عالمية ولذا فهي بحاجة إلى استجابة دولية. فنحن بحاجة إلى التوحد في التزامنا بمواجهة انتشار كوفيد-19 وبإيجاد لقاح وباسترداد تعافينا الاقتصادي. والمواضيع المحدَدة في هذا المنتدى هي مواضيع جوهرية لتحقيق هذه الأهداف.
تسعى بلادي بإلحاح، شأنها شأن الدول الأخرى في جميع انحاء العالم، لرسم مسار للخروج من الأزمة الحالية. والإجراءات التي اتخذناها للحد من انتشار الفيروس ضمن حدودنا ناجحة نسبياً لحد الآن. لكن على الرغم من ذلك، شعرنا بقوة التأثيرات الاقتصادية لهذا الوباء. فمتطلبات التباعد الاجتماعي قد أوقفت العديد من القطاعات في اقتصادنا. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، فقد ارتفع عدد العراقيين الرازحين تحت خط الفقر من أقل من 20% في نهاية عام 2019 إلى نحو 40%. .
حيث تعرض العراق لصدمات متعددة: كانهيار الطلب المحلي بسبب القيود المفروضة لمكافحة كوفيد-19، والانخفاض الحاد في أسعار النفط منذ آذار ومؤخراً التخفيض الكبير في إنتاج العراق للنفط بحوالي 23% كجزء من اتفاقية أوبك+ في نيسان.
إنَّ اعتمادنا على واردات النفط يعني أنَّ واردات ميزانيتنا قد انخفضت بـما يزيد عن 70% بالمقارنة بمستويات ما قبل الأزمة، الأمر الذي يرغمنا على اتخاذ تدابير طارئة لتغطية المصاريف الاساسية. وقد نحتاج كنتيجة حتمية التقنين من إنفاقنا، ولكن حتى مع هذا فقد نواجه احتمالية عجز كبير بالموازنة هذا العام؛ الامر الذي سيستلزم تمويله السحب من الاحتياطات وزيادة الدين. وبشكل عام، من المتوقع أن يتقلص اقتصادنا بحوالي 10% خلال عام 2020، مع احتمالية متوقَعة للانتعاش في العام 2021.
يأتي كل هذا في وقت حساس للعراق. فنحن ما زلنا بلداً يمر في مرحلة التعافي. لقد تجاوزنا حرب أهلية والعنف والإرهاب الذي مارسه ما يدعى بتنظيم الدولة الإسلامية، لكن جهودنا لإعادة البناء ما زالت هشة، فالمظاهرات الشعبية في الخريف والشتاء الماضيين، والضحايا الذين سقطوا بطريقة مأساوية، تعتبر كتذكير صارخ بأن صبر الشعب العراقي له حدود.
فالناس على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل مستقبل أفضل وأكثر ازدهاراً؛ وتتلخص مهمتنا، كقادة، في تلبية تلك التطلعات. وهذه ليست مهمة سهلة. وكنبذة عامة، يبلغ نحو 350 ألف شخص في كل عام سن العمل، ولكن يعاني الكثير منهم جراء عدم التمكن من إيجاد الوظائف. وتحاول الحكومة توظيف بعضهم، لكنها بهذا تعمق المشاكل المالية على المدى الطويل في البلاد.
إنَّ تحقيق مستقبل أكثر ازدهاراً ومعالجة مواطن ضعف الاقتصاد العراقي هي وعود قدمتها الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في برنامجها. حيث التزمت ببدء عملية الإصلاح الهيكلي بالعراق: تعزيز دور القطاع الخاص والقضاء على الفساد وترسيخ سيادة القانون وتقوية مؤسساتنا بإعادة هيكلة وتنشيط قطاعنا العام وباستخدام مواردنا الطبيعية الوفيرة بشكل أكثر إنتاجية.
إننا ندرك تماماً بأن الطريق أمامنا سيكون طويلاً وشاقاً، لكن لا يوجد لدينا خيار سوى المثابرة والانتصار، وعلينا أن نتصرف بإحساس عال بحراجة الموقف وبعطف وحزم لإحراز نتائج إيجابية، وإلا فإننا سنخذل شعبنا وخاصة شبابنا.
لا يمكننا أن نأمل النجاح بدون تعاون المجتمع الدولي، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية والشركاء. فالأزمات المالية وأزمات السيولة التي نواجهها تصعِّب من تحقيق تمويلنا الأساسي والتزاماتنا تجاه الديون. نأمل بأنَّ المجتمع الدولي سيدعم هذه الجهود، بما في ذلك مساعدتنا بإعادة الهيكلة الاقتصادية ودعمنا في تحقيق ميزانيتنا الاستثمارية، وهي جهود مهمة لبناء البنية التحتية والحفاظ على الخدمات الأساسية وخلق فرص العمل.
وللدول النامية، مثل العراق، التي تواجه هذه التحديات؛ فإنَّ إمكانية توظيف وسائل سريعة تساعدنا في ضمان السيولة المحلية وإمكانية حصول القطاع الخاص على قروض بما يخفف من عبء الدين المباشر على الدولة هي وسائل مهمة إن أردنا ضمان عدم تمكين الأزمة الحالية من تقييدنا والحد من قدرتنا على تفعيل الإصلاح المطلوب بشدة على المدى البعيد.
فنحن بحاجة إلى آليات انتقالية لسد الهوّة بما يمكننا من التطبيق الفوري لسياسات تحفيز مالية تخرجنا من الدوائر المغلقة لغرض تمكين استقرار شؤوننا المالية وإقتصادنا كي نتمكن من مجابهة تأثيرات كوفيد-19، وبعدها يمكننا استخدامها كمنصة للقيام بإختيارات صرف أذكى بالمستقبل بما سيحفز النمو الاقتصادي.
فالإستدامة والقدرة على مقاومة التأثيرات هما عاملان رئيسيان لبناء غد أفضل لكافة العراقيين. وعلينا ضمان حدوث النمو والتطور الاقتصادي وبعدم السماح لهذه الأزمة بأن تتحول إلى خيار بين حياة الناس وموارد معيشتهم أو أن تصبح محفزاً لاضطراب اجتماعي متجدد أو عنف وإرهاب يهدد مؤسسات الدولة. لكن علينا أولاً أن نؤسس لركائز ثابتة كي نبني عليها، ونحن نتطلع إلى هذا المنتدى لمناقشة الأفكار والمبادرات التي ستساعدنا في تحقيق ذلك.
شكراً لكم.
برهم صالح
رئيس جمهورية العراق”
المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية
الخميس 28-5-2020