محمد مصطفى الجبوري يكتب :إستعادة الأموال المنهوبة تبدأ بخطوة
بعد الهزة العنيفة للاقتصاد العراقي بسبب انهيار اسعار النفط الشهر الماضي ، والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وعدم قدرة الحكومة على مواجهة الازمة بسبب اعتماد الاقتصاد العراقي بصورة شبه كلياعلى النفط ، وذهاب السيد وزير المالية الى المملكة العربية السعودية وحصل على قرض ب 3 مليارات دولار ، اصبح الامر جدا خطر وعلينا ان نبدا بالخطوة الاولى لرحلة الالف ميل لتصحيح مسار الاقتصاد العراقي.
ان هناك مايربو على 350 مليار دولار منهوبة من العراق ومسجلة باسماء 225 عراقي هم مسؤولين وابنائهم وزوجاتهم واقاربهم لدى بنوك اوربية وفي ايران ولبنان والامارات وسنغافورة وهونك كونك والولايات المتحدة وفي منطقة الكاريبي، ووزارة الخزانة الامريكية لها علم و سجل بذلك!!!! وهي الجهة الوحيدة في العالم التي لها القدرة ان تستعيد هذه الاموال اذا شاءت!!!!.. وقد أفشى لي احد الاصدقاء انه في سنة 2006 زارت وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس بغداد واستدعت احد كبار المسؤولين الى السفارة الامريكية ببغداد، والذي كان قد صرح (بان على سفير الولايات المتحدة ان يغادر العراق اذا لايعجبه طريقة ادارتنا للحكومة ) .
فما كان من الوزيرة الا ان تترك المسؤول المعني في غرفة لوحده وعرضت له جميع حركات حساباته وحسابات عائلته واقربائه في البنوك خارج العراق، ثم عادت الى الغرفة واطمئنات انه رأى جميع فيديوات الحسابات، ثم طلبت منه الاستقالة قبل نهاية الدوام ، او القاء القبض عليه من قبل الجنود الامريكان، فما كان من( الورع ) الا ان يستقيل.
في السابق كانت سويسرا مرتعا لهذه الاموال المنهوبة من مختلف انحاء العالم ، لان نظام البنوك السويسرية لايسمح لاي كان ان يطلع على سجلات حساباته منذ اصدار تشريع في سنة 1934 بسرية الحسابات لدى البنوك السويسرية ، ولكن الولايات المتحدة نجحت في كسر الطوق واجبرت البنوك السويسرية على كشف حساباتها.
لقد حاولت الدول الاوربية الغربية جاهدة لمعرفة المتهربين من مواطنيهم من الضرائب والذين لديهم حسابات في البنوك السويسرية لسنوات عديدة ولم تفلح ، وهذا لم يكن يحصل لولا الضغط من قبل المنظمات اليهودية على حكومات الولايات المتحدة المتعاقبة لاجبار البنوك السويسرية على كشف حسابات اليهود الذين فروا من المانيا قبيل الحرب العالمية الثانية والذين أودعوا أموالهم لدى البنوك السويسرية والتي رفضت اعطاء اية معلومات عنها وصادرتها، ولكن اليهود نجحوا في استعادة اموال ذويهم من البنوك السويسرية في عام 2015 ، في حين فشلت بلدان العالم المتخلف عن استعادة اموالها لحد الان. وقد نشرت صحيفة ليفغارو الفرنسية قبل سنتين اسماء اكثر من 1700 شخصية عالمية ( ملوك وامراء ورؤساء ومسؤلين – وكان لبعض المسؤولين العراقيين نصيب وافر ) ومقدار حساباتهم لدى البنوك السويسرية. وحسب الصحيفة هناك 2,2 ترليون دولار مودعة لهؤلاء لدى البنوك السويسرية و1،2 ترليون دولار مودعة في سنغافورة ومثلها في بنوك هونك كونك.
للاسف معظم ان لم تكن جميع الاموال المنهوبة من قبل الانظمة الفاسدة في العالم تودع في حسابات شخصية لمسؤولين واهليهم في بنوك عالمية، ولم يعد من هذه الاموال الا النزر القليل،فأموال الدكتاتور ماركوز الذي حكم الفليبين وشاه ايرن وبقية طغاة افريقيا لم يرجع منها للبلدان المنهوب منها شيئ يذكر بحجج واهية من قبل البنوك العالمية. فهل الحكومة الحالية والتي لديها علاقات جيدة مع الولايات المتحدة تستطيع ان تعيد هذه الاموال أو جزء منها ، بدل الاقتراض من السعودية او من البنك الدولي او صندوق النقد الدولي ، حيث بدأت تلك المؤسستين بتنسيق عملياتهم المشتركة للاقراض بعد أزمة كرونا، والذي أشك ان يقدموا اي قرض للعراق لان هناك 81 دولة قد تقدمت بطلبات للبنك الدولي كما جاء على لسان رئيسه السيد David Malpass ولصندوق النقد الدولي كما ذكرت رئيستة السيدة Kristalina Georgieva .
بعد أزمة كرونا ازداد الوضع سوءا لاستعادة الاموال المنهوبة، فجميع دول العالم تواجه صعوبات في ادارة اقتصادياتها ، فهل ستنجح الحكومة باستعادتها.
نأمل ذلك وعلينا أن نبدا بالخطوة الاولى وهي المطالبة ولنرى كيف ستجري الأمور .