فواز الطيب يكتب:تأثير أحداث العراق وسوريا على السياسة التركية الداخلية
تركيا لم تعد تطالب باسقاط نظام الأسد بعد اجراءات المنطقة الآمنة داخل الحدود السورية ، ولا مواقف حازمة تجاه ما يجري في العراق وان كانت ظواهر صوتية وعنتريات فارغة ، وهذه التحولات فيها اشارات واضحة لحلول سياسية بعيداً عن القتال حتى النهاية ومقابل مكاسب اقتصادية في دول الخليج وتحجيم للدور المصري واستنزاف للتدخلات العربية في ليبيا واليمن .
ومقابل كل ذلك نرى هبوط شعبية أردوغان وحزبه ” التنمية والعدالة ” وهي في عد تنازلي إذا لم يتخذ إجراءات سياسية تحتوي خصومه المقربين وخاصة أحمد داود أوغلو وهو يعلن برنامج حزبه الجديد، “حزب المستقبل ” ، الذي تشكل بأغلبية منشقين عن حزب العدالة ، الذي كان ينتمي إليه ، وفي نفس الفندق الذي شهد الإعلان عن تأسيس حزب العدالة والتنمية قبل 18 عاماً في العاصمة أنقرة ! .
داود أوغلو بدأ بداية قوية ، فاقت توقعات المراقبين، فقد ظهر قوياً متمكناً وكعادته في قمة الحماس والطموح لإنشاء تركيا جديدة ، ديمقراطية ، متصالحة مع الجوار والغرب، وتوازن في علاقاتها الاستراتيجية مع الناتو وعلاقات قوية مع القوى الصاعدة الجديدة روسيا والصين . بل إن داود أوغلو ذهب أبعد من ذلك من خلال تقديم مقترحات جريئة لحل القضية الكردية.
أردوغان كرد فعل متشنج حاول عرقلة مسيرة داود أوغلو الجديدة حين اتهمه “بالإحتيال” على أحد البنوك الحكومية لخصخصة جامعة شهير الخاصة في إسطنبول ، التي تعتبر معقلا للأكاديميين المقربين من داود أوغلو، والذي سرعان ما رد على هذا الاتهام بطلب التحقيق في ثروات كبار المسؤولين في الحكومة ورؤساء الجمهورية وثروات عوائلهم ، وكأنه لم يتعلم من درس إعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول بحجة وجود تزوير مما أدى إلى فوز المعارض أكرم إمام أوغلو بقوة أكبر وأصوات أكثر .
حزب التنمية يواجه إنسحابات تكتيكية لمنشقين بعد اعلان وزير الاقتصاد الأسبق، علي باباجان ، برعاية ودعم من الرئيس السابق، عبدالله غل، الحزب الأكثر خطرا على أردوغان، فالخلاف بين الرجلين حقيقي وأكثر عمقاً من أفكار أوغلو المتهم بالتغطية على استمرارية اردوغان لاكمال مشروعه ذو الطموحات الخارجية .
والمعارك السياسية كلها تدور حول طريقة ادارة السياسة الخارجية لتركيا ما بين الدبلوماسي وانتهاج اسلوب القوة والابتعاد عن التصريحات العنترية النارية التي تسيء إلى سمعة الدبلوماسية التركية وتهدف فقط لكسب نقاط شعبوية في الداخل، وإخراج تركيا من عزلتها الدولية كما يقول أوغلو ويشد في الوقت نفسه على علمانية الدولة وخطأ استخدام الدين في اللعبة السياسية فيما يتعلق بما يسمى مرحلة الربيع العربي ومشروع حكم تنظيم الإخوان للمنطقة ، وتداعياتها السلبية في النوع والإختيارات .