الكويت ترّد على الشكوى العراقية لمجلس الامن بموقف قد يغضب بغداد
أعلنت الكويت، أنها تقّدمت بردٍّ رسمي لمجلس الأمن الدولي على شكوى عراقية للمجلس تتهم الكويت بمحاولة تغيير الحدود البحرية بين البلدين.
وأكدت الكويت في رسالتها أن بناء منصة بحرية فوق منطقة «فيشت العيج»، هو «حق سيادي» لها، وأن المنصة تقع داخل مياهها الإقليمية.
واعترضت الحكومة العراقية على إقامة دولة الكويت منصة بحرية فوق «فيشت العيج»، باعتبار أن هذه المنصة ستؤثر على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في المنطقة البحرية الواقعة بعد العلامة 162.
وشدد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية في ردّه على أن وزارة الخارجية في بلاده تسلمت هذه المذكرة من الوفد الدائم لدى الأمم المتحدة بعد تسليمها لمجلس الأمن وقامت بالرد عليها على الفور.
وذكر المصدر أنه فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية بعد العلامة 162 فإن دولة الكويت تؤكد أنها استمرت في مطالبة الجانب العراقي منذ عام 2005 حتى آخر اجتماع في مايو (أيار) الماضي، بأن يباشر الخبراء القانونيون في البلدين البدء في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المرسَّمة، وتم ذلك عبر اجتماعات اللجان الوزارية المشتركة والرسائل الوزارية بهذا الشأن.
كما أشار المصدر إلى أن «دولة الكويت دعت الأشقاء في العراق إلى حسم هذا الموضوع باللجوء إلى المحكمة الدولية بقانون البحار المنشأ بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982».
وفي ختام تصريحه شدد المصدر الكويتي على أن «دولة الكويت إذ تستعرض هذه الوقائع فإنها تؤكد حرصها على العلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين الشقيقين ومواصلتها التنسيق مع الأشقاء لحسم الملفات العالقة كافة حتى لا تتعرض علاقة البلدين لأي شوائب».
واتهم العراق، في رسالته إلى مجلس الأمن، الكويت باتباع سياسة فرض الأمر الواقع من خلال إحداث تغييرات جغرافية في الحدود البحرية بين البلدين. وسلّم المندوب العراقي لدى الأمم المتحدة السفير محمد بحر العلوم، رسالة بلاده في 7 أغسطس (آب) الماضي، لرئيس مجلس الأمن، طالباً «تعميمها وإصدارها كوثيقة رسمية من وثائق المجلس».
وعدّت بغداد «ترسيم الحدود من طرف واحد في مناطق لم يتفق عليها الطرفان -وفقاً لما نص عليه المرسوم الأميري 317 لسنة 2014 بشأن تحديد المناطق البحرية للكويت- فعلاً باطلاً بموجب أحكام القانون الدولي».
وقالت الكويت، أمس، إن مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي وجّه رسالة إلى رئاسة مجلس الأمن بتاريخ 20 أغسطس الماضي بناءً على طلب من بلاده بشأن بناء منصة بحرية فوق منطقة «فشت العيج» الواقعة في المياه الإقليمية الكويتية.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية، أمس، عن السفير العتيبي قوله إن الرسالة تأتي رداً على رسالة عراقية وُجهت إلى رئاسة مجلس الأمن بتاريخ 7 أغسطس وصدرت كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن.
وأوضح أن «الرسالة العراقية لم تركز إلا على المنطقة البحرية ما بعد النقطة 162 والمقصود بذلك البحر الإقليمي الذي لا يزال غير مرسَّم بين البلدين، حيث أراد العراق أن يثبت ويوثق موقفه من هذه النقطة بأن هذه المنطقة ما زالت غير مرسَّمة بين الدولتين».
وأكد أن هذه الرسائل عادةً لا ينظر فيها مجلس الأمن وليست مطروحة للنقاش على اعتبار أن الهدف منها هو توثيق الموقف. وأضاف في هذا الصدد: «يجب أن نفرّق بين الحدود التي رسمتها الأمم المتحدة والالتزامات الدولية على البلدين والبحر الإقليمي الذي لا يزال غير مرسَّم… فالعراق والكويت ملتزمان بتنفيذ قرارات مجلس الأمن وعلى وجه الخصوص القرار 833 الذي رسم الحدود البرية والبحرية بين البلدين».
وشدد على أنه «لا توجد أي مشكلة نهائياً لا على الحدود البرية أو البحرية إلى حدود النقطة 162».
كما أكد أن «العراق ملتزم بقرارات مجلس الأمن والحدود المرسَّمة بين البلدين من قِبل الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن «مسألة ترسيم الحدود ما بعد نقطة 162 هي مسألة ثنائية بحتة وليست لها علاقة بالالتزامات الدولية على العراق الذي ينفّذ التزاماته الدولية بالكامل».
وأشار إلى أن المسألة المتعلقة بمنصة «فشت العيج» تمت إثارتها بالفعل وأن هناك مراسلات بين الجانبين.
وأضاف أن الكويت دعت العراق إلى الجلوس في أكثر من مناسبة للبدء بالمفاوضات للانتهاء من هذه المسألة لأهميتها بالنسبة إلى البلدين لا سيما أن إنهاءها من شأنه أن يسهم في بناء الثقة ويعزز العلاقات الثنائية وينقلها إلى آفاق أرحب وأوسع بين الجانبين.
كما لفت إلى أن الرسالة الكويتية تضمنت الإشارة إلى مسائل أخرى لا تقل أهمية، موضحاً أن الأعمال الإنشائية التي تُقام حالياً في ميناء «الفاو» قد وصلت إلى مراحل متقدمة دون التشاور بشأنها مع الكويت رغم الالتزامات التي تفرضها المادة 206 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 خصوصاً فيما يتعلق بتقييم الآثار البيئية على البيئة البحرية المترتبة على إنشاء الميناء.
ونصت الرسالة التي وجهها السفير العتيبي على أن منصة «فشت العيج» تقع في المياه الإقليمية للكويت، وعليه فإن بناء هذه المنصة من الأمور التي تملك الكويت وحدها ممارستها، لما لها من سيادة على إقليمها وبحرها الإقليمي.
وأفادت بأنه تم إنشاء وتركيب المنصة في «فشت العيج» بغرض التأكد من سلامة الملاحة البحرية في «خور عبد الله» وتوفير الدعم لبرج ميناء «الشويخ»، نظراً إلى الزيادة المتوقعة في عدد السفن الخاصة في ظل عدم وجود وسيلة مرئية لمراقبة ومتابعة السفن في «خور عبد الله» والتي تستلزم تأمين موقع قيادة في هذه المنطقة لتنسيق أمن الملاحة ولمواجهة الحوادث البيئية فيها.
وأشارت الرسالة إلى الاعتبارات الأمنية الخاصة بالكويت وحاجتها إلى وجود منظومة حديثة ومتطورة لرصد ومراقبة منطقة «خور عبد الله» التي تتطلب وجوداً أمنياً لمواجهة حوادث الاختراق المتكررة من زوارق مجهولة الهوية للمياه الإقليمية الكويتية باعتبارها مسؤولية كويتية خالصة في حماية حدودها البحرية.
وذكرت الرسالة أنه وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 فإن الالتزام الذي يقع على الكويت هو إشعار الدولة المقابلة، وهو ما تم الالتزام به، حيث إن الكويت قامت ببناء هذه المنصة في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2018 وقد تمت إحاطة الجانب العراقي علماً في محضر الاجتماع السادس للجنة الكويتية العراقية المشتركة المعنية بتنظيم الملاحة البحرية في «خور عبد الله» الموقّع بتاريخ 26 يناير (كانون الثاني) 2017.
وفي ختام الرسالة دعت الكويت، مجدداً، الجانب العراقي إلى حل هذا الموضوع من خلال البدء في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بعد النقطة 162 أو من خلال اللجوء إلى المحكمة الدولية لقانون البحار المنشأة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982
.