من المسؤول عن التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي؟
علاء الدين الحوزي
مدون و طالب باحث
انتشرت في السنوات الأخيرة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة ما يعرف ب “البوز” أو الشهرة الاجتماعية لا سيما في دول الغرب مثل الولايات المتحدة الأمريكية إلا أنه للبلدان العربية نصيب من هاته الموجة فما هي أسباب هذه الظاهرة؟ وكيف نقضي على شهرة الحمقى، يقول مثل عامي “لا دخان بلا نار” أي لا شيء من دون سبب لذا سأغوص في الأسباب المفترضة التي جعلت من أناس سذج يؤثرون على الجماهير.
تدني الوعي الفكري في البلدان العربية
عدد هائل من العرب يقبلون بشكل فظيع على اللهث وراء الفضائح والفيديوهات غير الهادفة التي لا تعدو أن تكون ترفيهية لكن بشكل مبالغ فيه؛ فلن يستطيع أولئك المغمورون أن يصيروا نجوما من لا شيء لولا متابعتنا لهم ونشرنا لأعمالهم؛ عقولنا لا تتماشى كثيرا مع الفكر والقراءة لكنها تجد ضالتها في إشباع حاجاتها من خلال الإقبال على الاعمال التي توصف بالتافهة مثل متابعة اشخاص اكتسبوا شهرة من خلال فعل جنوني او من خلال فضيحة اقترفوها أو حتى عمل غبي اوصلهم إلى قائمة الأعلى مشاهدة على منصة اليوتيوب إلا أن هناك أسباب كما اشرت وهي عديدة.
كل إنسان يفكر بوعي عليه ألا يضيع وقته وفكره في متابعة فضائح وسخافات وإلا يكون مساهما في تدني المستوى الثقافي
سهولة الشهرة من خلال توفر الهواتف الذكية لكل شخص
قديما كانت عملية التصوير تتطلب مالا ووقتا ولكنها تبقى خاصة لا تنشر ويحتفظ الشخص بصوره؛ اما اليوم فقد أصبح كل منا يملك كاميرا ويصور كل شيء؛ وحين يصور أتفه شيء يكون مرشحا لأن يصبح نجما من لا شيء مثلا يكفي أن يقول كلاما مضحكا يستحسنه زوار اليوتيوب للسخرية منه ويتم نشره على نطاق أوسع؛ لكن هذا لا يعني أن الأمر بريء مطلقا؛ فقد تعتزم حكومات معينة تغذية المواد التافهة لكي يزداد “الاستحمار” لدى أغلب مكونات شعوبها.
مسؤولية بعض الحكومات في تغذية مستنقعات التفاهة
بعد افساد الإعلام العمومي في بعض بلدان العالم الثالث عبر زرع المجنونة والبرامج الترفيهية المبالغ فيها وصرف أموال طائلة في ذلك على حساب برامج راقية وهادفة جاء ربما الدور على مواقع اليوتيوب التي لا تفرض عليها قيود غالبا من الحكومات ويكون الزائر لليوتيوب حرا في انتقاء ما يريد مشاهدته حيث بدأت حملة موازية يراها بعض الناس بأنها موجهة من السلطات للدفع نحو تنصيب “نجوم تفاهة” في حرب معلنة ضد كل ما هو مفيد وهادف في مواقع التواصل الاجتماعي فترى النتيجة أن شبانا من دولة عربية سألهم أحد الصحافيين عن لاعبي كرة القدم وعن نجوم التفاهة فأجبوا باستفاضة حتى مل الصحافي وبعدها سألهم عن الخلفاء الراشدين فلم يعرفوا فيهم واحدا.
لمواجهة ظاهرة شهرة الحمقى
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” أميتوا الباطل بالسكوت عنه”؛ ونحن كمستخدمين للمواقع الاجتماعية علينا تجاهل هؤلاء لكيلا يزداد حجمهم؛ فخطورتهم أصبحت في أنهم أصبحوا قدوة للأجيال المقبلة؛ وكانت أكبر حملة مواجهة للقضاء على الظاهرة في الغرب بإطلاق حملة ” لا تجعلوا من الحمقى مشاهير” لكن لا يمكن أن نحارب ظاهرة تقوم على الجهل دون محاربة الجهل نفسه في بلداننا الإسلامية العربية.
فهل أنتم منتهون يا أولي الألباب؟
هل ننتهي من المساهمة في ارتفاع نسب الهزالة الاجتماعية ونعرض عن اتباع الفضائح والخوض في تتبع أعراض الغير؛ فالنفس البشرية مجبولة على حب اتباع هوى الفضائح وحشر الأنف فيما لا ينفعها فقد افلح من زكاها وكل اهتمام بمحتوى تافه لن يخدم إلا مبايعة شخص غير مفيد لكي يأخذ اهتمام الصحف والمواقع ويصبح نجما على عرش مستنقع من السخافة تغذيه بعض الصحافة التي لا يهمها سوى ربح المال مع أن دورها الرئيسي هو تثقيف العامة وليس “استبلادها” فكل إنسان يفكر بوعي عليه ألا يضيع وقته وفكره في متابعة فضائح وسخافات وإلا يكون مساهما في تدني المستوى الثقافي فلا تدع الحمقى مشاهير وقدوات فلا يشرف اطفالك أن يكون شخص مائع هو قدوتهم في الحياة وأن تبنى شخصياتهم على فعل سخيف دفع صاحبه ليكون قدوة لأطفالنا عوض أن يكون قدوتهم سيد الخلق اجمعين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.