كم إسراء غريب في البيت؟
نورهان حسن
مدونة إلكترونية
مات المصطفى وهو يوصي بالنساء فعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ”رفقاً بالقوارير” إن القوارير ومضمونها فهي اللين والسهولة والطيب والرفق، والجدير في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن عليكم كرجال الأمة الرفق بنسائكم وبناتكم.. فأين نحن عن وصية نبي الله؟
أثارت قصة فتاة فلسطينية في ريعان شبابها وطموحها، جدل واسع وغاضب وجامح على وسائل التواصل الاجتماعي حيث غرد الكثير من الناشطين متسائلين عّن الفقيدة، بعد أن تم نشر خبر وفاتها بسبب التضرر الجسدي والنفسي وتعرضها للعنف الأسري تحت حُجة شرف العائلة وأيضاً من تحريض دون دليل من قبل الأقرباء، فإن المجتمعات الحالية أصبحت تواطئ صامتة لهذا النوع من القضايا اعتقاداً أن الرجولة وثبوت دلالتها لا تأتي إلا بالقتل والتعنيف والضرب ووأد الفتيات ولكن بطريقة أكثر حضارية عن الزمن الجاهلي فإن كانت تُدفن فالأن تُعنف لئن تُدِفن.
رغم أن للدين الإسلامي الحنيف تشريعه المنظم والمؤيد لحقوق المرأة وحمايتها ورفع شأنها إلا إننا أخطأنا التعامل مع فتياتنا، فلقد نسينا يوم أن آتى الإسلام وشَرَف المرأة فأحق الميراث لها: قال الله تعالى: “لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أو كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا” وأيضاً في تاريخ إسلامنا الحنيف روايات عديدة، رداً لكرامة المرأة وصون عرضها وكينونها والحفاظ على حقوقها وحمايتها من كل أذية، فقد تحركت جيوش لأجل مرأة وقامت معارك لاستنجاد سيدة، فإن عُدنا بالتاريخ قليلاً، فإن صرخات جميع المسلمات تُلبى عندما وجُِد حكام غيورين على كرامتها وقادة شجعاناً مؤمنين، فما جيَّش رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش المدينة إلا ثأرًا لمسلمة انتُهك عرضها من يهودي، وما فُتحت عمورية إلا بكلمة وامعتصماه وما وصلت جيوش ابن أبي عامر أقصى جنوب فرنسا (مملكة نافار) إلا استجابة لثلاث مسلمات أُسِرن في كنيسة، واستغثن وا عامراه.
قد يأخذ التعنيف الأسري الكثير من الأشكال ربما الضرب أو استخدام الألفاظ الحادة، ربما بالتجاهل واللامبالاة اتجاه مشاعر الأفراد، قد يكون على شكل تعنيف بالسيطرة واتخاذ القرارات المصيرية
أتى الإسلام فحرم وأد الفتاة ووأد الفتاة دفنها حية في القبر وهذا سلوك جاهلي فكان دور الإسلام تهذيبه وحفظ الروح وحمايتها، قال تعالى: “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ” ولكن يبدو الأن لا زالت الجاهلية تكمن ببعضنا ولكن بطريقة حضارية تناسب القرن الواحد العشرين فأصبحنا نخطط ونُدبر ونستمع لبعض الكيد فنقوم بمعاقبة بناتنا دون رحمة بضربهن ضرب مبرح وإلزامهن الصمت حتى الوصول لمرحلة القهر التي لا نتيجة من انفجارها إلا الموت، نعم! ربما بجلطة دماغية أو نوبة قلبية كما ادعت الرواية في حكاية إسراء.
إسراء المثال المشهور للكثير منها في البيوت، يتعرضن للتعنيف الأسري والضرب المُبرح دون رحمة ولا قانون يُلزم المجرم ألا يتعرض لهن، ولا حقوق تجعلهن أكثر قوة ليتحدثن ويدافعن عن أنفسهن، فيتم ممارسة العنف على من أوصانا النبي بهنَّ بتربيتهنَّ بالرفق واللين؛ بل بالضرب والشتم ومن ثم القتل بكل حرية دون خوف! قد نُلاحظ في أوروبا بشكل عام قوانينها الصارمة اتجاه الحفاظ على المرأة بحيث هناك قانون في حال تعرضك لمرأة وضربها من الدرجة الوسطى والتضرر فيزيائياً أو نفسياً؛ السجن لخمس سنوات وما فوق فلم نسمع حوادث مكررة في المجتمع الأوروبي عن ضرب نسائهن أو جرائم قتل تحت مسمى الشرف وإن كان للقاعدة شواذ، فهل هذا المجتمع سيحاسب حساب مجتمعنا المؤسس على مراجع إسلامية حنيفة ومصادر أساسية كالقران الكريم، السنة النبوية، العلماء المسلمين وما رويَّ عن الصحابة. إن غياب القانون جعل من إسراء بدلاً من فتاة ناجحة، لفتاة مظلومة فقدت حياتها تحت مسمى الشرف والعار، وكم من مثال آخر غيرها.
رجم ثريا، الفيلم الشهير الذي تحدث عن قصة حقيقية مأخوذة من رواية “رجم ثريا” للكاتب الفرنسي من أصول إيرانية فريدون جم والتي حكم على ثريا منوتشهري بالرجم عام 1986 فما كانت إلا تهمة ملفقة وما كانت ثريا إلا عفيفة بريئة ولكن شهادة الزور من زوجها كانت أعلى صوتاً من براءتها فاعتلت روح ثريا مظلومة مكسورة، تشكو ظلمها لله.
هل تخيلتم يوماً كل النساء اللواتي رجعنَّ لربهنَّ مكسورات مظلومات، يشكونكم لله ولا تستطيعون طلب العفو منهن، هل تخيلتم يوماً كسر خواطرهن ككسر القارورة التي من زجاج والتي أوصاكم نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بالرفق بها. لا يحق لأي إنسان بهذا الكون لإنهاء حياة إنسان آخر مهما كانت جريمته، فقد آتى الإسلام بقوانينه للحفاظ على جميع أرواحنا وقيمة الإنسان وأي مخلوق سيعود لله؛ غالية .. فلم يخلقنا للعبثية والإجرام بل خلقنا للسلم والأمان وفي قوله تعالى: “أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا”.
قد يأخذ التعنيف الأسري الكثير من الأشكال ربما الضرب أو استخدام الألفاظ الحادة، ربما بالتجاهل واللامبالاة اتجاه مشاعر الأفراد، قد يكون على شكل تعنيف بالسيطرة واتخاذ القرارات المصيرية عنك.. إلى آخره. فلا نرجو من مجتمعنا إلا أن يطور من ثقافته ومفهومه للعنف وسن قوانين صارمة اتجاه التعنيف اتجاه المرأة أو أي فرد والعودة للدين الإسلامي الحنيف لاتخاذ رسولنا الكريم قدوة وإقامة وصاياه في تربية الفتيات بالحنان واللين وأنهنَّ مدخل من مداخل الجنة عند تربيتهنَّ التربية الصالحة وأن نضع مخافة الله بين أعيننا فغداً ماذا ستجيبون جل جلاله عن هذه الأرواح البريئة.