ما الذي سيمنع الأكراد من إعلان استقلالهم؟ رأي القدس رصد عراقيون
صوّت البرلمان العراقي بالأغلبية (بعد انسحاب النواب الكرد) أمس على رفض استفتاء إقليم كردستان على الاستقلال المزمع في 25 من الشهر الجاري، وفوّض رئيس الوزراء حيدر العبادي «اتخاذ التدابير التي تحفظ وحدة البلاد».
تحيل كلمة «التدابير» مجدداً إلى جميع الأعمال وخصوصاً منها العسكرية التي يمكن لرئيس الوزراء العراقي أن يقوم بها «لحفظ وحدة البلاد»، وإذا عطفنا هذه الجملة على قيام قوات الحكومة العراقية بتعزيز وحداتها العسكرية على طول الحدود مع الإقليم «تحسّبا لأي عمل عسكري أو اشتباك مع قوات البيشمركه»، حسب تصريحات مصدر عسكري عراقي لـ«القدس العربي» الذي أكد أن «عدد القوات العراقية من الجيش والشرطة ومكافحة الإرهاب إضافة إلى فصائل «الحشد الشعبي» أصبح بإمكانه انتزاع كركوك من سيطرة حكومة الإقليم بالخيار العسكري»، وأن قوات الجيش العراقي «جاهزة لأي عمل عسكري آخر داخل حدود الدولة العراقية».
إضافة إلى التهديد العسكري وتصويت البرلمان على رفض الاستفتاء كانت هناك تدخّلات عربية، تمثّلت بتصريحات للأمين العام للجامعة العربية خلال زيارته للعراق الأسبوع الماضي تؤكد حرص الجامعة على «وحدة العراق وعدم إثارة إشكالات تزعزع أمنه واستقراره ووحدته»، والتي ردّ عليها أكراد بالقول إن كردستان تستقبل ما يقارب المليون من العرب السنّة العراقيين في حين أن أكثر من 20 دولة عربية لم تقدم أي مبادرة لاستقبال أي نسبة منهم، وبمطالبته بالالتفات لحل مشاكل عربية مستعصية أخرى!
وإذا كان الرد على أمين الجامعة العربية بالسخرية ،فالأغلب أن زيارة قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان، للقاء وثني رئيسه مسعود بارزاني عن الاستفتاء، ستقابل بجدّية أكبر، فنفوذ طهران يفيض عن البرلمان والجيش العراقي وميليشيات «الحشد الشعبي» إلى داخل كردستان نفسها، فقد كان لإيران دائماً سطوة على أحد الحزبين الرئيسيين في الإقليم، ويعود ذلك لعقود طويلة وقبل أن تستكمل سيطرتها على كامل العراق، كما أن لها دالّة كبرى على حزب العمال الكردستاني التركي الذي تتواجد قوّاته في جبال قنديل وسنجار، وإذا أضفنا إلى ذلك كونها تحدّ الإقليم بحدود واسعة وتستطيع خنقه جغرافيا، كما تستطيع تهشيمه عسكريا، فالمتوقع أن يكون لتدخل سليماني تأثيره الواضح على قرار الاستفتاء من عدمه. بغض النظر عن مصداقية مطالب أكراد الإقليم بالانفصال، أو توق الأكراد عموما، وليس في العراق فحسب، إلى دولة قوميّة تضمّهم، فإن حيثيّات هذا الاستقلال لم تتكوّن بعد، والمخاطر التي تتهدد دولة كهذه أكبر من قدرتها على الاستمرار.
من جهة أخرى، فإن التمدّد الكبير الذي يقوم به حزب العمال الكردستاني التركي في سوريا، عبر ما يسمى «قوات سوريا الديمقراطية»، مع استمرار الدعم العسكري والمالي الأمريكي له، وتفاهمات القوّة والتقاسم بين واشنطن وموسكو، يفتح قوساً آخر غير متوقع في مشروع «الدولة الكردية»، لكن هذا المشروع أيضاً يواجه تناقضات كثيرة، وخصوماً متأهبين، بينهم قادة إقليم كردستان العراق نفسه!