فرصتان ذهبيتان أضاعهما العراق د سرمد الجميل

فرصتان ذهبيتان أضاعتهما السياسة والسياسيون في العراق خلال الستة عقود الماضية 1958 – 2017 : الأولى في السبعينات عندما ارتفعت أسعار النفط أضعافا مضاعفة بين السنوات 1972 – 1979 تلك الزيادة الكبيرة المشهودة، والتي جعلت الدول الصناعية تعيد تفكيرها وإستراتيجياتها؛ إذ ارتفع سعر النفط من 3 دولارات للبرميل ليصل 49 دولار للبرميل في سنة 1979 وقد جنى العراق من تلك الفرصة عشرات المليارات من الدولارات وبلغت احتياطياته 30 مليار دولار في سنة 1979 علما بان عدد سكانه لا يتجاوز 13 مليون نسمة، والفرصة الثانية التي أتاحتها السوق العالمية للنفط ما بين السنوات 2004 – 2014 اذ ارتفع السعر من 20 دولار للبرميل ليصل 147 دولار للبرميل في سنة 2008 وجنى العراق مئات المليارات من الدولارات وعدد سكانه لا يتجاوز 35 مليون نسمة، لقد أضاع السياسيون المؤدلجون الفرصة الأولى في الحروب وأضاع الفرصة الثانية السياسيون الفاسدون الديمقراطيون، وضياع الفرصة الأولى كان تحت العباءة الأيديولوجية القومية والأمة منها براء، وضياع الفرصة الثانية تحت المظلة الدينية والدين منها براء، واليوم يتطلع العراقيون لفرصة ثالثة توفرها سوق النفط عسى ان يرتفع سعره ويحقق لهم المراد، ويبدو لي بأن هذه الأمنية بعيدة المنال، فهناك احتمال ضعيف جدا أن يرتفع سعر النفط في العقد القادم وربما قد يصل سعره 100 دولار في سنة 2050 وعندها يكون عدد سكان العراق قد تجاوز الخمسين مليون نسمة، والقيمة الحقيقية لتلك الزيادة لا تذكر، وبالمقابل يغرق العراق بالديون التي تجاوزت المئة مليار دولار في سنة 2017 والتي تموّل النفقات التشغيلية، إنها ليست ديونا لتمويل النشاطات الاستثمارية كتلك التي انتهجتها دول أمريكا اللاتينية في نهاية عقد السبعينات إبان أزماتها، فقد استدانت تلك الدول للتمويل استثمارات كبيرة أتت أكلها في عقد التسعينات، ولغاية اليوم سياستنا الاقتصادية بشقيها المالية والنقدية ترقيعية لسد ثغرة هنا وشق هناك، مع تفاقم ظاهرة الفساد المالي والهجرة الكبيرة من الريف نحو المدن، والتنامي الخطير لمشكلة البطالة والفقر وتزايد الفجوة في الدخل والثروة بين أبناء الوطن الواحد وبين محافظات الوطن الواحد وبين مدنه ومكوناته فما هي الحلول والمعالجات وهذا هو المهم بعد أن وقع المحظور؟ إن أخطر ما يواجه العراق اليوم تلك الفجوة التي حذرت منها المؤسسات الدولية الاقتصادية والاجتماعية وحذر منها العديد من الاقتصاديين والاجتماعيين والتي تتمثل بالتباين الكبير بين أبناء الوطن الواحد؛ فئة أثرت ثراء فاحشا وفئة كبيرة فقدت كل ما تملك وعادت لخط الصفر، ومدن فقدت بنيتها التحتية ومؤسساتها الصحية والتعليمية التي يتجاوز عمرها عشرات السنين ومدن تبنى بها ارقى منتجعات الرفاهية، وأصبح بعض العراقيين ينتظرون ما يجود الخيرون بخيرهم من دول مانحة وقد أحجمت معظمها عن الجود كون المعنيين بالأمر فاسدين وعلى الرغم من كل ما قيل ويقال وحصل ويحصل لا نتعلم الدرس فما زالت حليمة على عادتها القديمة ………………والحبل على الجرار…..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *