العمود الثامن : الاديب ووطن قومي للمدنيين / بقلم: علي حسين رصد : عراقيون
لا أعلم سبباً لكراهية “البروفيسور ” في جامعة حزب الدعوة علي الاديب ، للتيار المدني بشكل عام ، وللدولة المدنية ، بشكل خاص؟
أفهم أن لدى علي الاديب حب فطري للفشل ، يجعله يقضي وقته في لقاءات تلفزيونية يضع وفيها مساحيق تجميل على وجه حكومات دينية لم تستطع ان تبني دولة مؤسسات ، بدعوى محاربة مشروع الهيمنة الغربية على الانسان العراقي ، بدليل انه يعتبر ما ” سرق ” من اموال النفط ، والعقود الوهمية التي وقعها الشهرستاني ، وحالة الخراب في قطاع الطاقة ، محاولة لتخريب جهود حسين الشهرستاني للتطوير. لكن الغريب والغير معقول ان يضرب لنا علي الاديب ” المتدين ” مثلا يقارن به ما جرى للرسول محمد ” ص” مع اهل مدينة ومكة اثناء الدعوة الاسلامية ، بما جرى لقادة حزب الدعوة في العراق اثناء عملية نهبهم لثروات البلاد .
منذ سنوات وانا اتابع علي الاديب ، وكنت خلالها أجده يسخر من اي نشاط مدني ، او بوادر لحياة مدنية ، وتعرفنا اثناء ولايته على وزارة التعليم العالي على القرارات ” القرقوشية ” التي كان يصدرها ” سماحته ” ضد الاختلاط في الجامعات ، وازياء الطالبات ، وكيف اقصى كل موظفة سافرة في مكتبه الوزاري ، لانه يجد في الامر انحراف ، لكنه في الحوار الاخير يفصح عن كراهية مستحكمة ضد التيار المدني ، تدفعه، إلى اعتباره كافراً وملحداً ويجب رجمه فيقول ان :” الحركة المدنية هي في الاساس معادية للاسلام ، معادية للاديان ، وتريد تضخيم الامور من اجل ان تحصل على مكان المسؤول المتدين ” ، والغريب ان السيد الاديب يعتبر الحديث عن الدولة المدنية حرام ، لكن سرقة اموال الدولة حلال ، بناء دولة مؤسسات حرام ، والعبث بامن البلاد حلال ،الاتظاهر والاحتجاج ضد الفساد حرام ، لكن تهريب ثروات البلاد واقصاء الكفاءات و الخراب الذي يحاصرنا من كل مكان حلال .
ولكي يكمل السيد الاديب نظريته فانه يسخر من فترة حكم عبد الكريم قاسم وعبد الرحمن عارف ، ويحملهما مسؤولية ما حل بالعراق من خراب ؟ ولست في وارد مناقشة ” المؤرخ ” الاديب ، ولكني اتمنى عليه ان يجيب على سؤال واحد ؟ هل يستطيع ان يخرج من على شاشة التلفزيون ليعقد مقارنة بين منجزات حزب الدعوة خلال 14 عاما من الحكم وما حققه عبد الكريم قاسم خلال خمس سنوات ، وهل لديه القدرة على وضع مقارنة بين نزاهة وعفة عبد الرحمن عارف ، ولصوصية وانتهازية ” جهابذة ” الاحزاب الدينية ..
ليست هذه المرة الأولى التي يبدو فيها علي الاديب قريباً للغاية من “نظرية محمود الحسن في الدولة المؤمنة ” وهي نفس النظرية التي يتبناها المالكي والجعفري وسليم الجبوري واسامة النجيفي وصدر الدين القبانجي ومئات من قادة الاحزاب الدينية ، الذين ما ان يسمعوا بكلمة دولة مدنية حتى يصابوا بداء ” الشتائم ” .
امام هذه الهجمة الشرسة ضد الحركة المدنية ، لن يكون غريباً أن نسمع، في المستقبل، عن تشكيل حملة تقودها احزاب الاسلام السياسي لمناقشة مسالة ” الحركة المدنية الخارجة على الملة ” ، وان نجد الاديب نفسه يطرح مشروع لتجميع شتات المدنيين في معظم المحافظات ، وإنشاء وطن قومي لهم في الصحراء .