العمود الثامن : هل يجرؤ حيدر العبادي ؟ علي حسين رصد عراقيون
لا بيت فى العراق اليوم يخلو من حوار محتدم حول نتائج طلبة الصفوف المنتهية للمرحلة الإعدادية ، والتي بلغت وبفضل اربعة عشر عاما من تطوير منظومة ” التربية والتعتيم ” 28 % .ورغم ذلك لايزال وزير التربية محمد اقبال يجلس في مكتبه المكيف وكان شيئا لم يتغير.
وحين كتبت في هذه الزاوية عن وزير التعليم السنغافوري الذي تمت اقالته ، واضطر لتقديم اعتذار للشعب علناً ، كنت حينها اتصور أن الرجل منح لاقاربه ومريديه مقاولات طبع الكتب المدرسية ، مثلما فعل الحاج وزير تربيتنا المحترم ، أو انه استورد مطابع بملايين الدولارات ، واكتشفنا بعد ذلك ان الامر مجرد ” خردة حديد ” وان هيمنة مافيا الكتب المدرسية لاتزال تصول وتجول ، وقلت مع نفسي حتماً ارتكب الرجل معصية كبيرة حين زوّر شهادة الابتدائية ليحصل على الدكتوراه في الحشمة والفضيلة ، ولكن حين قرأت الخبر أدركتُ أنني تجنّيت على مسؤولينا كثيرا ، حين اتهمتهم بالفساد وسرقة المال العام ، فهذا السنغافوري “الكافر” ارتكب جرماً أشد وأبشع ، فقد كشفت احدى الصحف السنغافورية ، أن أحد اقارب الوزير ، اتهم بمساعدة ابنه في الحصول على مقعد في مدرسة متميزة ، وحرم طالب اخر كان اكثر استحقاقا .!
عندما نكتب عن مسؤول ” مؤمن ” يخرج علينا من يقول انكم تثيرون البلبلة ، وأن التعليم يمضي فى طريق التطور الذي رسمه ” البروفيسور ” علي الاديب صاحب نظرية ” ما اجتمع طالبة وطالب في قاعة دراسية واحدة الا والشيطان ثالثهما .. اليوم وبفضل عباقرة السياسة نعيش في ظل عبث وتهريج فى سير العملية التعليمية ، واصبح الحديث عن زي الطالبة ومكياجها ، اهم من المناهج الدراسية الحديثة . ولا اريد ان اعيد الى ذاكرتكم خطاب وزير التربية محمد اقبال في مؤتمر الإيسيسكو الاخير ، فبدلاً من أن يتحدّث عن تطوير مناهج التعليم وبناء مدارس حديثة ، طالب بالاهتمام بدروس الدين وتربية الطلاب تربية دينية صالحة .
كنت أنوي اليوم كعادتي ان اصدع رؤوسكم بالحديث عن البشر العاديين لا العباقرة ، واحدثكم عن المستشارة الالمانية البدينة انجيلا ميركل ، فقد اكتشفت الصحافة الالمانية انها لم تغير ملابسها التي تذهب بها ايام الاجازة منذ خمس سنوات ، ليس بسبب ضيق الحال ، وهي تقود اكبر قوة اقتصادية في اوربا ، بل لانها لاتريد ان تتميز عن النساء البسيطات اللواتي سيشعرن بالاسى لان ليس بامكانهن شراء ملابس باهظة الثمن .
ما يحصل في وزارة الكهرباء والتجارة والصناعة والتربية والزراعة ، يثبت إن وجود عدد غير قليل من المسؤولين الكبار فوق مقاعدهم حتى الآن يصبح غير شرعى، ولا صحى، ، فهل يجرؤ العبادي على مطالبتهم بالرحيل ؟ .
عندما حصلت سنغافورة على استقلالها قال مؤسسها لي كوان في اول اجتماع للحكومة : لامانع من ان نأكل العشب وأوراق الأشجار، وسنفضل الجوع على الحياة ، فقط من أجل ان يحظى ابنائنا بتعليم متطور ”
أما نحن فمازلنا حائرين أمام السؤال: ندخل التاريخ بمنع الطالبة السافرة ، أم ندخله باطروحة نوري المالكي عن تطوير الجامعات ؟.