هزيمة تنظيم داعش الآتية لقمان عبد الرحيم الفيلي

 

تحرير مدينة الموصل ومحافظة نينوى من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ومذهبها الجهادي السلفي الوحشي هو موضوع العديد من المحادثات والنقاشات العراقية. وللاستفادة القصوى في التعلم من الدروس من هذه المعركة الدموية التي دامت ثلاث سنوات، يجب على العراقيين تقييم العملية السياسية.

 

إن التحرير ليس حلا بحد ذاته، ولا بد من طرح أسئلة أساسية: هل يريد العراقيون بلدا موحدا أو مقسما (في كل شيء عدا الاسم)؟ ما هو أفضل، نظام فيدرالي أو كونفدرالية؟ هل ينبغي أن تكون الدولة مسيطر عليها عن طريق المركز أو المقاطعات اللامركزية ذات سلطات جديدة وواسعة؟

 

هل كان احتلال داعش لقطع واسعة من الأراضي العراقية تحذيرا كافيا من هشاشة والحوكمة والنظام السياسي والتماسك الاجتماعي في البلاد؟ أم أن العراقيين (لا سمح الله) يحتاجون إلى رجّة مروعة اخرى ستؤدي إلى نهاية العراق كما نعرفها؟ هل يمكن للمرء أن يقول بثقة أن الأحزاب العراقية فشلت في التعلم من دروس الأزمة؟ وقد استخدمت الطبقة السياسية الدولة لخدمة مصالحها الشخصية الضيقة، والاستفادة من الفوضى عندما واجه العراق أكبر أزمة وجودية.

 

ما هي الجرعات المطلوبة من المضادات الحيوية في الجسم العراقي حتى يرحل الإرهاب إلى الأبد؟ وهذه مسألة ملحة يحتاج جميع العراقيين إلى الإجابة عليها. يجب ألا ننسى أنه عندما يكتمل تحرير الموصل، فإن عيون التحالف الدولي ستتحول غربا نحو سوريا. فالعراق ليس بمنأى عن ما يجري في الدولة المجاورة. ويجب على الحكومة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع الدولي تهيئة بيئة جديدة في المناطق المحررة داخل العراق من أجل العدالة الاجتماعية والعمل على إيجاد صيغة جديدة للتعايش.

 

وعلى الرغم من كل هذه التحديات، أظهر العراقيون الى بقية العالم أن لديهم قوة شخصية لتطوير النسيج الاجتماعي والسياسي للبلاد. وعندما يعالج العراق المسائل الكبرى المتعلقة بالهوية وبسيادة القانون والحوكمة وتوزيع العائدات، يجب بعدها أن يتحول التركيز إلى تحديد ثقافة سياسية جديدة في العراق وإنشاء خارطة طريق للكونفدرالية مع حكومة إقليم كردستان، وهي الصيغة التي أراها الأكثر قابلية لتطبيق التعايش مع الأكراد. ولا بد من التعجيل باللامركزية، ومعالجة الفساد، ووجوب إجراء تعداد للسكان – الذي طال انتظاره – للقدرة على التخطيط على نطاق البلد. وأخيرا، يجب التصويت على التشريعات المفقودة، بما في ذلك قانون النفط الذي طال انتظاره. ولن يكون ذلك سهلا، ولكن هذه خطوات عاجلة وهامة لشعب العراق ومستقبله.

 

الحكم في العراق بعد التحرير سيكون الاختبار الحقيقي للقيادة العراقية، خاصة مع الاعتراف بأن الدولة تضعف من الداخل، ويجب أن يكون تحرير الموصل بداية تعافي للأمة، وإلا فإن أمراء الحرب، الذين يتخفون بأسماء وجبهات مختلفة، سوف تسود.

 

من المهم أن نتذكر أن وجود مقاتلي داعش في الموصل خلق جيل جديد من المؤيدين الشباب، وهنا من الضروري أن نعترف بأن تحول او طفرة جديدة عن داعش سوف لن تكون أقل شراً وسوف تستمر أعمال الإرهاب، كما حدث في الهجوم الأخير في الكرادة في بغداد. هذا التهديد الإرهابي سيكون لديه القدرة على التحرك داخل المدن، وكذلك بعض المناطق التي تبقى خارج سلطة الدولة. دعونا لا نجعل من تحرير الموصل نقطة توقف قبل الموجة التالية من التطرف.

 

هنا يجب على القادة أن يقودوا، ولا ينقادوا.

 

* السفير العراقي السابق لدى الولايات المتحدة

 

*نقلا عن نيوزويك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *