الإقليم العربي نتيجة لتبني قانون الحشد الشعبي هارون محمد
إن إقامة الإقليم العربي وليس السني، الإداري وليس الطائفي، المدني وغير الديني، باتت ضرورة وطنية وحاجة عراقية بعد أن تعاظم الدور الإيراني في العراق وبات قادة قم وطهران يحكمون البلاد مباشرة أو بواسطة عملائهم.
أثبتت الأحداث التي شهدها العراق منذ احتلاله في أبريل 2003، إلى الآن، أن الأحزاب والمرجعيات والميليشيات الشيعية تعمل منهجيا على تكريس هيمنتها على البلاد، وتعمد إلى تسويق بضاعتها الطائفية بالقوة والإكراه، غير معنية بمستقبل هذا البلد المنكوب بسياساتها وقراراتها، وهي التي لا تملك إرادة وطنية في البناء والتنمية، ولا تعترف بحقوق واستحقاقات الآخرين من غير ملتها، الذين تعدهم عقائديا، أعداء تاريخيين وخصوما دائمين، وتصر على إذلالهم واضطهادهم والتجني عليهم.
وقد ثبت أيضا خلال السنوات الـ13 الماضية، أن الأحزاب والمرجعيات والميليشيات الشيعية، تناهض مفهوم الدولة والمؤسسات، وتتخندق في مستنقع المحاصصات، ولا تؤمن بالتمدن والرقي، أما الحداثة والإبداع والعلوم والثقافة والفنون، فهي رجس وآثام، بينما اللطم والتطبير وتأليه الأئمة وزيارة القبور، وإشاعة الخرافات ونشر التخلف، فإنها قضايا مقدسة تتمسك بها وتحتفي بها، رغم ما يرافقها من تعطيل الأعمال وقطع أرزاق الناس وعسكرة الشوارع وحظر التجوال والاستنفار الأمني وبعثرة أموال الميزانية العامة على مناسبات يتصاعد فيها الحراك الطائفي وصيحات الأخذ بالثارات، وتخريب الممتلكات والمرافق، وقبل أيام أعلن مدير بلدية كربلاء أن دائرته بحاجة إلى مليار دينار، لإصلاح ما خربه زوار أربعينية الحسين، وما خلفوه من أطنان النفايات والأوساخ، وما دمروه من طرق وأرصفة ومجار للماء، وقد اتهم الرجل بأنه يريد اختلاس المبلغ لنفسه.
بات واضحا أن الأحزاب والمرجعيات والميليشيات الشيعية في العراق، مصممة على تنفيذ أجندتها في التسلط ونهب الثروات وممارسة التنكيل بالفئات الأخرى، لتبقى وحدها سيدة الموقف وصاحبة القرار، وقد تغولت في الفترة الأخيرة وأصبحت لا تقبل بأي رأي أو نصيحة لتعديل اعوجاج منهجها وتغيير لهجة خطابها، وتشبثت بطائفيتها، وقدمتها كأولوية على الوطن الذي تعتبره مجرد ضيعة تحكمها بمفردها، وتستغل موارده لصالحها، وتحظر على غيرها، المطالبة بحقوقه التي كفلها الدستور، الذي صاغته قيادات شيعية، كما هو معروف.
إن إصرار التحالف الوطني الذي يسمونه البيت الشيعي، على تمرير قانون الحشد الشعبي، بما يحمله من نزعة طائفية وتوجهات عدائية، وما يتضمنه من إضعاف الجيش والقوات المسلحة، وإحلال الحشد الشعبي وهو خليط ميليشياوي طائفي قائده الجنرال الإيراني قاسم سليماني، بدلا منهما، هو رسالة موجهة إلى السنة العرب أساسا، لأن التحالف لا يقدر على فرض هذا القانون على الأكراد وقوات البيشمركة موجودة، أما مضمون الرسالة فهو: اعترفوا بسيادتنا عليكم وأقروا بخضوعكم لنا، وإلا فإن حشدنا (المقدس) جاهز لسحقكم.
إن السنة العرب بغالبيتهم الساحقة، تتقدمهم نخبهم السياسية والعلمية والعسكرية والعشائرية والدينية، باتوا على قناعة بأن استمرار العيش تحت سطوة الأحزاب والميليشيات الشيعية، سيفضي إلى المزيد من النكبات بمحافظاتهم وأهلها في المستقبل القريب، الذي اتضحت معالمه الآن، ويستهدف تذويب هويتهم وتحجيم دورهم واحتلال مناطقهم، واعتبارهم أقلية، يجب أن تخضع إلى الأغلبية، كما قال نوري المالكي في آخر لقاءاته التلفزيونية، متعهدا بأن التحالف الشيعي لن يوقع على أي وثيقة تسوية أو مصالحة مع مقاومي الاحتلال والبعثيين وجماهير الاعتصامات السلمية التي غدر بها، وكل من عارض العملية السياسية، مؤكدا أنها ستبقى وتستمر وفق المسار الذي رسم لها.
وإزاء هذه التهديدات السافرة وعقب طرح ما سمي بوثيقة التسوية الشيعية، سيئة المضمون والأجندة، تزامنا مع إقرار قانون الحشد الشيعي ومخاطره، لم يعد أمام السنة العرب من خيار، غير التوجه لإقامة إقليمهم العربي ليكون حاضنة لهم، وفي الوقت نفسه، ملاذا آمنا لإخوتهم الشيعة العرب الملاحقين والمطاردين من الميليشيات الإيرانية، وقد عزموا على تشكيل حرسهم الوطني لحمايتهم من التغول الشيعي المتربص بهم، وتهديدات داعش المتواصلة لهم، وهم على ثقة بأنهم قادرون على تفعيل موارد مناطقهم من نفط وغاز وكبريت وفوسفات ويورانيوم وزراعة ومياه، لتنمية اقتصادهم، واستثمار دعم المحيط العربي والعالم الإسلامي لتعمير مدنهم، خصوصا وأنهم أصحاب خبرات في الإدارة والقيادة، اعتمدوا العلم في تجاربهم السابقة ولم يؤمنوا بالغيبيات والأوهام ولم ينتظروا مهديا يطلع عليهم ليصلح حالهم.
إن إقامة الإقليم العربي وليس السني، الإداري وليس الطائفي، المدني وغير الديني، باتت ضرورة وطنية وحاجة عراقية بعد أن تعاظم الدور الإيراني في العراق وبات قادة قم وطهران يحكمون البلاد مباشرة أو بواسطة عملائهم قادة الميليشيات والأحزاب والمرجعيات الشيعية الذين لا ينكرون تبعيتهم لإيران، ووفق هذه المعطيات الخطيرة، فإن من حق القيادات العراقية المعروفة بالنقاء الوطني، المؤمنة بالمواطنة لا بالمذهب، المقتنعة بالتعددية الديمقراطية وليس بالأغلبية أو الأقلية العددية، إنشاء الإقليم العربي وإجراء استفتاء شعبي في ثلثي مساحة العراق لإقراره دستوريا، وتنظيم انتخابات تشريعية تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لانتخاب قيادته وبرلمانه من العراقيين الأصلاء، بعد أن استكملت أسس تشكيله، وإجراءات تنفيذه بعد الانتهاء من معركة الموصل، شاء من شاء وأبى من أبى، ليكون الممثل الحقيقي للعراق ودولته المدنية، التي لن يكون فيها اجتثاث ثأري ولا مساءلة انتقامية، وتقودها نخبة من أهل الكفاءة والعزيمة والاقتدار، وشخصيا كمواطن، أرشح أمين حزب البعث عزة الدوري وزعيم المشروع العربي خميس الخنجر وقائد حرس نينوى أثيل النجيفي، لقيادة الإقليم العربي في مرحلته الأولى، ثقة بوطنيتهم وإخلاصهم، وعارفا بقدراتهم في تقديم الدعم لجهود أهلهم ورفاقهم، الشيعة العرب في الفرات الأوسط والجنوب، للخلاص من تسلط الملالي وعملاء إيران، ومسك مناطقهم بأنفسهم بعد تطهيرها من الدخلاء، ليعود العراق العربي شامخا موحدا، كما كان من الموصل إلى الفاو.