اكتئاب الربيعي والكربولي / علي حسين
أخبرنا ” كسينجر العراق ” موفق الربيعي ، انه استطاع ان يوفر للعراقيين ايام كان يعمل مستشارا للامن القومي ، وجبة من ” المهدئات الامنية ” ، من عينة أمن غذائي ، وأمن فكري وأمن سياسي ، وأمن صناعي ، انا كمواطن شكرت الله على هذه النعمة التي لم تحظى بها بلاد مثل اميركا في زمن عميد ” الامبرياليين ” هنري كسينجر ، الذي كتب في السطور الأولى في كتابه الممتع ” النظام العالمي : ” ان بناء الدول المستقرة لايتم بالخطب والشعارات وإنما بالأفعال ” ، بعد خروج المالكي تمنيت مثل كثير من العراقيين أن ندخل في مرحلة من الاستقرار ومراجعة الماضي وعثراته ، لكن إكتشفنا للأسف ، ان البعض يعتقد ان السخرية من لون ربطة عنق حيدر العبادي ، اهم من الحديث عن مستقبل العراق .
كثيرون يميلون الى عدم اخذ كلام موفق الربيعي على محمل الجد . لانه لا يعي ما يقول ، فالرجل والحمد لله مصاب بداء الثرثرة . كلما قال جملة نسى جملة اخرى ، هو الذي قال مرة انه كان يسافر اثناء توليه منصب مستشار الامن القومي بجواز سفر بريطاني باسم بيكر مو، وهو الذي قال ايضا : ان الشخص الذي هرب امولاً ، انه اخي عبد الأمير باقر ، لكنه ليس من أهلي ، وإنه عمل غير صالح ” ، ثم استمتعنا معه وهو يروي لنا انذاك حكاية شقيقه التائب عبد الامير الذي صحا ضميره بعد أن تبين له أنه مشمول بالعفو ، ” ففي النهاية هو شقيقي ، لكنني لم أُعيّنه فهو موجود في مستشارية الأمن القومي قبل أن أتسلمها. وهو الذي طالبنا ذات ليلة بأن نحفظ ماء وجه اردوغان ونسمح له بان ينسحب من الاراضي العراقية.
هل شاهدت جنابك، امس ، النائب محمد الكربولي ، ” مانديلا العراق ” جالسا على كرسي في ستوديو قناة دجلة التي يملكها شقيقه جمال الكربولي ، وهو يقول لمذيع قناة ” العائلة ” ، المفروض ما تسألني هذه الاسئلة ؟ هل استمعت اليه وهو يلقي علينا دروسا في الوطنية وبناء الدوله ، ويعلن النفير العام لانه وأشقائه يتعرّضون لحملة “ظالمة” بسبب “مواقفهم الوطنية الشجاعة، ولم ينسَ الكربولي أن يحذّرنا من خسارة مثل هؤلاء الساسة ” الأفذاذ “، لكنه للأسف في زحمة التصريحات المتوالية أُفقياً وعمودياً، نسى أو تناسى قضية الهلال الأحمر ومابعدها ما جرى من صفقات جرت في كواليس وممرات وزارة الصناعة .
أين نحن في هذا العالم الذي ترتقي فيه سنغافورة ، وتحقق فيه دولة صغيرة مثل الامارات اعلى درجات الرفاهية لشعبها ؟ لكي ندخل إلى الاستقرار ، يجب أولاً أن نخرج من عالم موفق الربيعي ، ووصايا محمد الكربولي . لانهم يمتلكون حناجر صاخبة ، لكنهم لم يعلمونا يوما كيف نفتح مصنعا لملايين العاطلين ، وكيف نقيم مشروعا وطنيا صادقا ، و كيف نضاعف ثروات هذا البلد . لكنهم يذكروننا كل 24 ساعة بانهم اصحاب التغيير ، وايضا فرسان السيادة ، اعذروني انا في طريقي للاصابة باكتئاب عام.