في الموصل الشوارع تكتظ بالقتلى… من لم تقتله آلة الحرب تمزقه الأوبئة
معاناة أخرى يواجهها أهالي مدينة الموصل بالعراق، فمن لم تطله آلة الحرب الغاشمة، قتلته الأوبئة والأمراض،والتي انتشرت إثر افتراش جثث القتلى الشوارع، ما ينذر بكارثة إنسانية قريبة، ربما تعصف بما تبقى من سكان المدينة المحاصرة.
وحذرت الأمم المتحدة مؤخرا من أن العدد المتزايد للمصابين المدنيين جراء القتال في شرق الموصل بين القوات العراقية وتنظيم داعش يفوق قدرة الحكومة ومنظمات الإغاثة الدولية على التعامل معه.
ولا تصدر السلطات العراقية إحصاءات شاملة بعدد القتلى والمصابين، لكن الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة ربما تمثل جزءا من الرقم الإجمالي لأن ما يصل إليها هو حالات تعاني من إصابات خطيرة لا يمكن علاجها ميدانيا، وعلاوة على ذلك فإن عدد القتلى غير معروف.
وحذر المرصد العراقي لحقوق الإنسان من كارثة إنسانية في الموصل بعد أن رصد أعدادا كبيرة من المصابين بمرض التيفوئيد، كما أن المخيمات في جنوب المدينة وشرقها باتت عاجزة عن استقبال مزيد من النازحين.
وقال المرصد العراقي في بيان إن مدينة الموصل تشهد انتشارا كبيرا للأمراض، بينها أمراض وبائية.
ووثق 276 إصابة بمرض التيفوئيد في الشطر الشرقي الذي استعادته القوات العراقية في وقت سابق، ما ينذر بوقوع كارثة صحية نتيجة النقص الكبير في تلبية الاحتياجات والمساعدات.
وكان وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية جاسم العطية أكد أمس أن عدد النازحين من مناطق القتال بالجانب الغربي للموصل بلغ 125 ألفا، ليرتفع بذلك عدد النازحين من المدينة بشقيها الشرقي والغربي منذ بدء المعارك منتصف أكتوبر الماضي إلى نحو أربعمئة ألف نازح.
بدوره قال الإعلامي العراقي أحمد الملاح إن الوضع الإنساني في الموصل أصبح أكثر سوءا مع بدء المرحلة الثانية من معركة تحرير مدينة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بعد سيطرته عليها منذ 2014 .
وأضاف أن الأمم المتحدة والحكومة العراقية والمنظمات الدولية تمتلك الإمكانات لتغطية المساعدات لكن لا تتحرك، لافتاً إلى أن الأمر لا يحتاج لغير مستشفيات مجهزة بشكل كامل ويمكن استنفار الكوادر الطبية من أبناء المحافظة وهم مستعدون لذلك.
وأوضح أن الجرحى يعانون جدًا، وداعش داخل المدينة تستخدم المستشفيات لجراحها وتضايق الأطباء خلال علاجهم للمدنيين، لذا لابد أن يتم تطويع أطباء برتبة ضابط ليكونوا جزءا من الجهد الطبي داخل المعركة .
وأكد أن هناك حالات ماتت بسبب عدم تقديم العلاج لها أو لعدم القدرة على إخلاء الجرحى نتيجة للأعمال العسكرية المستمرة، كل هذا يجعلنا نقول إن التقصير الحكومي والدولي جعل فاتورة المدنيين ترتفع بشكل خطير .
وتعاني المدينة من مخاطر كبيرة منها الجفاف وسوء التغذية، وعدم الاستحمام نتيجة عدم توفر المياه، وانتشاُر جثث مقاتلي تنظيم الدولة في الشوارع.
فيما قال الصحفي العراقي، ليث النجم، إن الوضع الإنساني للمدنين بالموصل جداً سيئ بعد تحرير بعض الأحياء، حيث غادر المواطنين منازلهم بسبب الدمار الذي حل بالمدينة بالتحديد الساحل الأيمن.
وأضاف أن عشرات من جثث المقاتلين الدواعش ملقاه على الأرض ويأكلها الطيور والكلاب والقطط وكذلك وجود مئات من جثث المدنين تحت أنقاض منازلهم بسبب القصف العشوائي للقوات الأمنية المحررة وفصائل الحشد الشعبي وقصف داعش وكلها على المدنين .
وأوضح أن انتشار جثث القتلى بالشوارع تسبب في ظهور أمراض خطيرة مثل التيفويد والذي ضاعف من معاناة المدنيين، فضلا عن نقص الماء والدواء والغذاء وأصوات القصف المرعب.
يُذكر أن القوات العراقية بدأت يوم 19 فبراير الماضي عملية لاستعادة الجانب الغربي من الموصل الأكثر اكتظاظا، بعدما سيطرت على الجانب الشرقي عقب عملية عسكرية دامت نحو مئة يوم.
وانطلقت معركة استعادة الموصل في 17 أكتوبر 2016 بمشاركة 45 ألفا من القوات التابعة لحكومة بغداد من الجيش والشرطة مدعومين بقوات من الحشد الشعبي وحرس نينوى (سني)، إلى جانب البشمركة.
وتحظى الحملة العسكرية بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، كما شهدت استعادة عشرات البلدات والقرى من قبضة التنظيم الإرهابي، لكن يبقى المدنيون هم وقود تلك المعارك التي خلفت آلاف من الضحايا والمشردين في مناطق عدة.