سرّ الشوشرة على زيارة العبادي لواشنطن! / عدنان حسين
اليوم أو بعد حين، سنكتشف أن رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يعد من واشنطن بخفيّ حنين أو باملاءات مخلّة بالسيادة الوطنية، كما رغب البعض، وهم في الغالب من من ذوي قرباه سياسياً ممّن سعوا إلى إثارة الغبار أو تعكير المياه لمنع العبادي من الصيد في العاصمة الاميركية.
ما كان العبادي سيطلب زيارة واشنطن، أو سيقبل الدعوة لزيارتها، لمقابلة الإدارة الاميركية الجديدة لو لم يكن ضامناً أنه لن يعود خالي الوفاض، فعملياً دخلنا في مرحلة العدّ العكسي للانتخابات البرلمانية المتوجب إجراؤها في غضون سنة من الآن، ولابدّ أن العبادي راغب في الوصول إلى هذا الاستحقاق وقد حقق الانجاز الاكبر لحكومته: تحرير البلاد من داعش، وبدء عملية إعادة الاعمار في المناطق التي تعرّضت في مجرى الحرب ضد التنظيم الإرهابي إلى التدمير، في سبيل إعادة سكانها النازحين إليها.
العبادي حصل في ما يبدو على ما كان يتطلّع إليه، وهو مواصلة وتسريع الدعم العسكري والاقتصادي الاميركي للحكومة العراقية للتعجيل في القضاء على داعش وإزالة آثار عدوانه. هذا ما أفصح هو عنه في حديثه إلى المعهد الأميركي للسلام في واشنطن بعد اجتماعه مع الرئيس ترمب وأركان إدارته. قال العبادي إن إدارة ترمب ستكون أكثر فاعلية في محاربة الإرهاب من سابقتها، وإنه تلقّى تأكيدات بدعم متواصل في معركة العراق ضد داعش ومن أجل تعزيز الاستقرار والبناء في مرحلة ما بعد داعش.
“الدولة العميقة” التي يديرها داخل الدولة العراقية بعض من ذوي قربى العبادي، سياسياً، على نحو خاص، استبقت زيارة العبادي بحملة دعاية مناهضة عبر جيشها الالكتروني، للايحاء بأن الزيارة هي لإملاء شروط الرئيس الاميركي على رئيس الحكومة العراقية. مديرو الحملة فبركوا ثلاثة عشر “شرطاً” بينها: حلّ الميليشيات، وايقاف المدّ السياسي الإيراني في العراق، وانشاء 7 قواعد عسكرية أميركية، والموافقة على برنامج النفط مقابل البناء! .. وبخلاف ذلك ستكون لدى إدارة ترمب “الخطة B “، وهي ترتيب “انقلاب عسكري” بقيادة شخصية عسكرية مقبولة في الشارع العراقي!.. وأرفقت الحملة بحملة أخرى تدعو العبادي لوقف “التحالف” مع الولايات المتحدة وعقد حلف جديد عراقي – إيراني – روسي – سوري!
بطبيعة الحال، وراء الحملة، بشقّيها، تكمن رغبة بفشل حرب تحرير الموصل وسائر المناطق التي يحتلّها داعش، كيما يُستخدم هذا الفشل لعرقلة حصول الاصلاحات التي وعد العبادي بتحقيقها حال تحرير الموصل، وأشار إليها في حديثه الى معهد السلام عندما قال إن لدى حكومته سلسلة من الإصلاحات العاجلة وفي طليعتها مواجهة الفساد، وجعل العراق بلداً ديمقراطياً، وكذا تذليل العقبات لعودة النازحين إلى منازلهم. كما إن فشل العبادي في استكمال تحرير الموصل هو هدف انتخابي لخصوم رئيس الوزراء ومنافسيه الذين يريدون تجريده من أي مُنجز، وبالتالي قطع الطريق أمام ولاية ثانية له ربما كان راغباً بها.
هل يُدرك المشوشرون على زيارة العبادي أن عملهم إنّما يرتقي إلى مستوى الخيانة، إذ تجري حملتهم في عزّ الحرب على داعش في قلب الموصل؟… أظنّهم يدركون، لكنّهم غير معنيين بتحرير الموصل وسواها في الأساس.