إرساء الاستقرار في الموصل / مايكل نايتس
“لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي”، السيد رئيس اللجنة كوركر، العضو الرفيع المستوى كاردن وأعضاء اللجنة الموقّرين، أودّ أن أشكركم على دعوتي للإدلاء بشهادتي في جلسة الاستماع التي تقام اليوم حول الموصل والحملة ضد تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام- داعش).
نجتمع هنا اليوم لأن العراق يكتسي أهمية، وقد أدرك تنظيم «داعش» هذا الأمر منذ البداية، فزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي عراقي، وقاعدة التنظيم الأساسية هي العراق وقد تبقى في العراق في المستقبل، كما أن أرض العراق مرتبطة بست دول رئيسية في الشرق الأوسط وتمثّل حجر الأساس الذي يدعم جغرافية المنطقة. ويتألف سكان العراق من أكبر تجمّع للعرب السنّة في العالم الذين يعيشون تحت ظل حكومة بقيادة شيعية، وبينما ينحط تنظيم داعش إلى جماعة إرهابية عاجزة عن الاحتفاظ بقرى أو مدن رئيسية، سيرى داعش في العراق ملاذاً آمناً حالياً وأرضاً خصبة لاحقاً ليستعيد دوره.
وتدرك إيران أيضاً أهمية العراق، فالنظام في إيران، التي تُعتبر أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، يملك أجندة طموحة داخل العراق. وتسعى طهران إلى استغلال الخوف المبرر من تنظيم داعش الذي تشعر به الغالبية الشيعية العراقية في العراق. وتحاول إيران إقناع شيعة العراق بأنهم لوحدهم في محاربة التنظيم، وأن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران هي وحدها القادرة على حماية العراق من أي نهوض للتنظيم في المستقبل.
نحن في هذه الغرفة نعرف أن العراق مهماً، وأن دور الولايات المتحدة في العراق هو بنفس القدر من الأهمية. وبعد مرور عامين ونصف فقط على خروج الجيش الأمريكي من البلاد، استحوذ تنظيم داعش على الموصل وثلث العراق. ولم يكن النجاح الذي حققه التنظيم والانسحاب الكامل والمتسرع للدعم العسكري الأميركي للعراق من قبيل الصدفة.
قبل ثلاث سنوات كنت أدلي بشهادتي أمام الكونغرس حول بروز تنظيم داعش، وهو أمر كنت أحذّر منه منذ عام 2011 عندما انطلق التنظيم بشكل أكثر قوة بعد أن قتلت الولايات المتحدة قادته في العام الذي سبق. وبالعودة إلى عام 2013، كان من الصعب أن نصبّ تركيزنا على العراق، وسيصعب إيلاء هذا البلد الاهتمام في غضون عام، لذلك نحتاج إلى اتخاذ خيارات ذكية في الوقت الحالي بينما لا نزال نركّز بالكامل على التهديدات المحدقة بمصالح الولايات المتحدة القائمة في العراق. ولا تشمل هذه التهديدات تنظيم داعش فحسب، بل جماعات الميليشيات الشيعية أيضاً التي تستغل بشكل متطفل وجود التنظيم وتشكّل جزءاً من شبكة التهديد الإيرانية.
إني أُركّز على العراق طوال حياتي المهنية. وبدأتُ أرى الطبيعة الدورية للسياسة الأميركية. نحن نستيقظ لنلاحظ طبيعة الخطر العاجل الذي سُمح له بأن ينمو من دون رادع. نرتكب أخطاء، ثم نفعل الشيء الصحيح، لكن بعدها نفقد اهتمامنا. ثم تبدأ الدورة من جديد.
يبدو هذا الأمر واضح جداً في حالة الموصل والمعركة ضد تنظيم داعش وأسلافه. ومن المرجح أن تتمكن “قوات الأمن العراقية” من تحرير الموصل من قبضة التنظيم في وقت مبكر من هذا العام. لكن نظراً لنجاحات تنظيم «داعش» وأسلافه في تسجيل عودات مثيرة إلى المدينة في الأعوام 2004 و2007 و2014، من المبرر أن نتساءل ما الذي سيردع التنظيم أو أي جماعة مماثلة عن التواري عن الأنظار ثم النهوض مجدداً ونسف المكاسب الثمينة التي حققتها الحرب الراهنة. ما هي العبرة التي يمكن أن نستخلصها من التاريخ؟
إرساء الاستقرار في الموصل: العبر المستخلصة بين 2008 و2014
في مقالةٍ توجيهية صدرت مؤخراً من قبل معهد واشنطن حول الموصل، ألقيتُ نظرة فاحصة على مسألة الترتيبات الأمنية في المدينة بعد تحريرها التي لم لم تحظ بعد بحقها من البحث، ولا سيما كيفية بناء هيكلية القوات الأمنية وضبطها لمنع تكرار نهوض تنظيم داعش، وتستند المقالة على مقابلاتٍ أجريتها مع قوات الأمن في الموصل خلال الفترة التي سبقت عام 2011، ورحلات واسعة [قمتُ بها] إلى محافظة نينوى قبل تنظيم «داعش» وبعده.
وعلى الرغم من أن الاتفاقات السياسية على “المشهد العام” لمستقبل الموصل قد تكون حاسمة في النهاية، تبقى الأولوية القصوى للتحالف العراقي-الدولي هي ضمان أمن الموصل بطرق عملية للغاية.
ويمكننا أن نتعلم الكثير عن الخطوات الحيوية القادمة في الموصل إذا نظرنا إلى فترتين مختلفتين من تاريخ الموصل الحديث.
- النجاح الجزئي عندما أولت الولايات المتحدة اهتماماً كبيراً. بين عامي 2007 و2011، حققت “قوات الأمن العراقية” المدعومة من الولايات المتحدة نجاحات كبيرة، مما أسفر عن تقليص الحوادث الأمنية في المدينة من مستوى مرتفع للغاية بلغ 666 حادثاً شهرياً في الربع الأول من عام 2008 إلى متوسط 32 حادثاً في الربع الأول من عام 2011.
- فشل ذريع عندما أدارت الولايات المتحدة ظهرها. بين عامي 2011 و2014، انعكس المنحى، إلى أن زادت وتيرة الحوادث الأمنية الشهرية إلى متوسط بلغ 297 في الربع الأول من عام 2014. وبعد فترة وجيزة، استحوذ تنظيم داعش على الموصل وثلث العراق في حزيران 2014.
محركات إرساء الاستقرار الناجح، 2007 – 2011
يمكن بسهولة شرح النجاحات المنجزة بين عامي 2007 و2011 والإخفاقات المسجلة بين عامي 2011 و2014. فخلال الفترة الأولى، حرصت بغداد على ضمان استقرار الموصل وصبّ رئيس الوزراء العراقي (نوري المالكي آنذاك) تركيزه على الموضوع، فسمح بحلول وسط مثل العفو الجزئي وإعادة فتح باب التجنيد [للأجهزة] الأمنية لضباط النظام السابق. وأسفرت الانتخابات عن تشكيل مجلس محافظة ومحافظ [متفهم]، وأدت إلى تَمكُّن سكان الموصل من العرب السنّة في المناطق الحضرية من التماهي معه.
وعندما كان الجيش الأمريكي مترسخاً في الموصل لغاية عام 2011، نجحت “قوات الأمن العراقية” في إنشاء “وحدة قيادة” أساسية، وتمّ منح مناصب قيادية رئيسية إلى ضباط وقورين، من بينهم من سكان الموصل من العرب السنّة، ويُعزى ذلك جزئياً إلى إلحاح الولايات المتحدة في هذا الشأن. وتمّت زيادة عدد القوات الحكومية المتوافرة في الموصل، بما في ذلك من خلال التجنيد المحلي لأعداد كبيرة من سكان الأحياء العربية السنّية الأكثر فقراً من سواها في الموصل.
أسباب فشل محاولة إرساء الاستقرار، 2011-2014
خلال الفترة بين عامي 2011 و2014، على النقيض من [السنوات السابقة]، كان انتصار تنظيم داعش مضموناً بسبب عدم توحيد الجهود وغياب وحدة القيادة بصورة مزمنة في أوساط الحكومة العراقية والفصائل الكردية وفصائل نينوى. فقد عمل كل من قادة محافظة نينوى المدعومين من الأكراد وبغداد لتحقيق أهداف متعارضة طوال فترة السنوات الثلاث.
وبالفعل، أسفر “مناخ القيادة” العسكرية الذي وضعه قادة بغداد المعيّنون سياسياً عن [قيام] قوات أمنية تنفّذ عمليات تهدف إلى إذلال ومعاقبة سكان الموصل الذين هم من الغالبية العربية السنّية. ومنذ أن بدأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ولايته الثانية في عام 2010، قررت بغداد العبث بشؤون القيادة والتحكم في الموصل، فحلّت الهيكلية الأمنية غير المسيّسة إلى حد معقول التي كانت قائمة حتى تلك المرحلة. وقد أدّى التغيير المستمر للقادة إلى تدمير الالتحام المتبقي داخل “قوات الأمن العراقية”.
فرصة ثانية نادرة في عام 2017
نظراً للفرصة الاستراتيجية التي يشكلها تحرير الموصل في المستقبل – فرصة قد لا تتكرر- يُعتبر استيعاب هذه العبر والاستفادة منها في غاية الأهمية. وعلى افتراض عدم تدفق قوات “البيشمركة” الكردية أو الميليشيات الشيعية إلى المدينة، وهي نتيجة يبدو أن التحالف حال دون تحقّقها، قد يكون سكان الموصل في البداية أكثر انفتاحاً على التعاون مع “قوات الأمن العراقية” من أي وقت مضى منذ عام 2003، وذلك بعد عامين ونصف من الخضوع لحكم تنظيم داعش، غير أن سكان الموصل سيراقبون محرريهم عن كثب بحثاً عن أي مؤشرات على عودة إلى سيناريو عام 2014 عندما سادت التدابير العقابية وصدرت أوامر حظر تجول متشددة وانتشر شبح الاعتقالات على نطاق واسع.
أما على الصعيد السياسي، فلا بدّ من التوصل إلى إجماع حقيقي وواقعي على الحكم في نينوى، وليس مجرد سلسة متغيّرة من التحالفات القائمة على مبدأ “عدوّ عدوي صديقي”. ولا تزال هذه العملية في مراحلها الأولى، إلّا أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة سجل انطلاقةً جيدة في هذا الصدد من خلال الجمع بين بغداد والأكراد، بالإضافة إلى قيادة محافظة نينوى لإجراء حوار عام.
ويجب أن يقوم الاتفاق بين هذه الأطراف على قواعد أساسية بسيطة للسلوك السياسي المستقبلي. ففي مثل هذا الترتيب، يتعيّن على مجلس المحافظة وأي لجنة تنسيق أمني أن يكونوا جهات تتخذ قراراتها على أساس توافق الآراء.
كيفية هيكلة قوات الأمن في الموصل
وبالمثل، ينبغي على عملية التجنيد وإدارة شؤون الهيئات الحكومية المحلية والشرطة وفق صيغة محددة، أن تعكس تركيبة سكان المدينة ما قبل تنظيم داعش، ويمثل تجنيد السكان المحليين من المدن إلى قوات الشرطة، بما في ذلك الأقليات العائدة، أولوية.
وعلى مستوى العمليات، تشمل المتطلبات تعيينات لقيادة مستقرة وغير مسيّسة وتوفير وحدة وتنسيق أكثر قوة بكثير بين قوات الأمن الاتحادية العراقية والكردية والمحلية في نينوى. وتبقى “قيادة عمليات نينوى” – مقر قيادة أركان مشتركة بقيادة ضابط بثلاث نجوم [وفقاً للرتب العسكرية للجيش الأميركي] قائمة منذ عام 2008 – هندسة القيادة والتحكم الأكثر ملاءمةً، لكن لا بدّ من تطبيق المفهوم بشكل أكثر فعالية مما كان عليه الحال في السنوات التي سبقت عام 2014. وكما نجح التحالف بقيادة الولايات المتحدة منذ عام 2014 في تشجيع ترقية العراقيين من ضباط “جهاز مكافحة الإرهاب” الموهوبين إلى مراتب قيادية عالية، على التحالف أن يستخدم الآن نفوذه ومستشاريه لتحسين قيادة “قيادة عمليات نينوى” وبنيتها.
وينبغي أن تتضمن هذه الجهود إنشاء هيئات تنسيق رئيسية بشأن سياسة الأمن الكلية والعلاقات المجتمعية ومشاركة المعلومات الاستخبارية وتحديد نقاط التفتيش. وللمساعدة في التنسيق، يجب تشجيع العراق على جعل موقع مقر “قيادة عمليات نينوى” أقرب ما يكون من “مجلس محافظة نينوى” ومراكز الشرطة الموجودة في مدينة الموصل.
كيفية منع بروز تنظيم «الدولة الإسلامية» من جديد في الموصل
توفّر الفترة 2007 – 2014 عبراً واضحة تتعلق ببعض الخطوات الأولى التي يتعين على العراق والتحالف اتخاذها في الموصل:
- توفير المساعدات الاقتصادية وإعادة الإعمار للمناطق الحضرية الأكثر فقراً. لأكثر من عقد من الزمن، لم تتمّ تلبية حاجات إعادة الإعمار في المدينة، يجب على التحالف أن يشجع العراق على استهداف إعادة الإعمار في المناطق الأكثر احتمالاً بأن تشكّل ملاذات آمنة لتنظيم داعش وغيره من المسلحين. ويعني ذلك التركيز الأكبر على الأحياء العربية الفقيرة في الأطراف الخارجية للمدينة من جهة الشمال الغربي والجنوب الغربي والجنوب الشرقي. فلطالما كانت هذه المناطق مهملةً في السابق واستخدمها تنظيم «داعش» كبيئة حاضنة لعمليات الانتعاش السابقة التي نجح في تحقيقها، حيث اعتمد المقاربة الاقتصادية القائمة على “حرب الطبقات” لتجنيد الفقراء.
- عدم تجاهل المناطق الريفية. فضلاً عن ذلك، يجب ربط الأمن في المناطق الحضرية باستقرار “المناطق الساخنة” الريفية التي يتواجد فيها المسلحون مثل بادوش والشورى وتلعفر، والتي خرج منها عدد غير متكافئ من مقاتلي تنظيم داعش، وجزئياً، كانت سيطرة التنظيم على الموصل في عام 2014 ردّ فعل ساخط ريفي مقابل مدني. وبالتالي، لا بدّ من تقليص هذا الانقسام الاجتماعي لحرمان تنظيم «داعش» من النهوض والتوسّع من جديد.
- التعامل مع تنظيم «الدولة الإسلامية» على أنه خطرٌ إجرامي رئيسي منظم. على العراق المساعدة في تطوير قدرات قوية في مجال مكافحة الجريمة المنظمة [ومساعدة] الحكومات المحلية في محاربتها الفساد، نظراً إلى أن تنظيم «داعش» سيعاود الظهور في الدرجة الأولى في المناطق الأكثر قابلية للجريمة في الموصل، كما فعل بعد القضاء على سلفه تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق» عام 2010. وقد تنجح عودة تنظيم داعش في الموصل أو تفشل في الأسواق والمكاتب والدوائر الحكومية حيث سيحاول الإرهابيون اللجوء إلى التهديد والخطف والقتل خلال توجههم نحو استعادة نفوذهم.
الدور المستقبلي للتحالف بقيادة الولايات المتحدة
بإمكان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن يلعب دوراً إيجابياً أساسياً في تشجيع العراق على تسليم السياسات الأمنية في نينوى إلى قادة جيدين ودعم هؤلاء القادة وبذل جهد مشترك لمنع نهوض تنظيم داعش من جديد. أولاً، على التحالف بقيادة الولايات المتحدة التصرّف بنفسه بطريقة منسقة. فالتحالف الحالي ضد تنظيم «داعش» أكثر فائدة بكثير من مهمة أمريكية أحادية الجانب تعتمد على مساهمين أساسيين مثل بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وكندا، على سبيل المثال لا الحصر.
وبإمكان مثل هذا التحالف، الذي يضمّ بعض من أكبر الاقتصادات في العالم وشركاء في المساعدة الأمنية، المساهمة في تضخيم الضغوط الدبلوماسية من خلال تسليط الضوء على الحاجة إلى مقاربات مبنيّة على التوافق بشأن نينوى خلال المناقشات في الموصل وأربيل وبغداد وأنقرة وحتى طهران. كما يضمن التحالف تقاسماً عادلاً للعبء بين الولايات المتحدة والشركاء الآخرين، الذين يبذل الكثير منهم جهوداً كبيرة للغاية للقيام بأمور لا تستطيع الولايات المتحدة القيام بها بسهولة (على سبيل المثال، الدعم الذي تقدمه “قوات الدرك الوطني” الإيطالية أو “كارابنييري” لـ “الشرطة الاتحادية العراقية”).
تمديد ولاية “قوة المهام المشتركة”
إذا تمّ تمديد فترة ولاية “قوة المهام المشتركة – «عملية العزم المتأصل»”، يمكن توسيع نفوذ التحالف فيما يتخطى تحرير الموصل. على التحالف أن يُلزم الولايات المتحدة على تقديم تعاون أمني استثنائي لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات إضافية، تكون خاضعة للمراجعة والتمديد. ويتمثّل الهدف من ذلك هو توفير جسر لهذه العلاقة المعزّزة من التعاون الأمني ليطال الحكومة العراقية الجديدة خلال ولايتها بين عامي 2018 و 2022.
ومن الضروري أن تكون الرسالة واضحة، وهي: أن الولايات المتحدة لن تنسحب من هذه المعركة بعد تحرير الموصل. وبخلاف الانسحاب المتسرّع في الفترة 2009-2011، سيكون المسؤولون الأمريكيون ملتزمين بعلاقة مكثفة من التعاون الأمني مع العراق من خلال الإطار المتعدد الجنسيات لـ”قوة المهام المشتركة – «عملية العزم المتأصل»” لمنتصف المدة، من أجل هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» بشكل نهائي في العراق. ومثل هذا الجهد يجب أن يشمل مساهمة مستمرة لـ “قوة مهام العمليات الخاصة المشتركة-العراق” وتعاون استخباراتي محسّن واستمرار الوجود الأميريكي في “قيادة العمليات المشتركة” وجهد حثيث في مهمة “بناء قدرة الشريك”.
ما الذي ينبغي على التحالف القيام به في الموصل
بإمكان الخطوات المذكورة أعلاه تعزيز نفوذ الولايات المتحدة والتحالف على حد سواء من أجل المساهمة في إرساء الاستقرار في نينوى على المدى الطويل. فعلى سبيل المثال، بإمكان التحالف أن يحافظ على مشاركته المباشرة في تطوير قوات الأمن التي مقرها في نينوى.
وإذا ما واصل التحالف تدريب قوات الجيش العراقي وتجهيزها في القواعد الكبيرة قرب بغداد والتاجي وبسماية، فعندئذ ستكون الحكومات الغربية في موقع أفضل يخوّلها ضمان تجنيد سكان الموصل ونينوى في الجيش بأعداد مناسبة، مما يشكّل مقياساً رئيسياً للمصالحة. وعلى نحو مماثل، يسمح تدريب “قوات الدرك الوطني” الإيطالية لـ “الشرطة الاتحادية العراقية” بالإشراف والتأثير على تطوير قوات “الشرطة الاتحادية” المجندين حديثاً في نينوى.
ولا يمكن للمبادرات التدريبية المتخصصة أن تضمن نفوذ التحالف فحسب، بل أن تساعد أيضاً بشكل مباشر على استقرار نينوى. ومن الأمثلة على ذلك:
- تدريب القوات الخاصة والمخابرات على عمليات مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة؛
- تطوير “مركز متميز لمكافحة التمرد” مخصص لـ “الجيش العراقي” و”الشرطة الاتحادية”؛
- تطوير قدرات أمن الحدود وقدرات لوجستية لدعم العمليات في مناطق غير محكومة بعيداً عن البنية التحتية اللوجستية القائمة، مثل الحدود بين نينوى وسوريا.
الاستمرار في إيلاء الاهتمام
لا شكّ في أنّ اهتمام التحالف هو الاستثمار الأقل تكلفةً والأكثر أهميةً في الوقت نفسه الذي يمكن توظيفه في الموصل. ويمثّل إبقاء تركيز القيادات في بغداد و«إقليم كردستان» ونينوى مُنصبّاً على إرساء الاستقرار واستمرار التواصل والتنسيق فيما بينها، المساهمة الأكبر التي يمكن للتحالف تقديمها.
*هو زميل “ليفر” في معهد واشنطن ومؤلف التقرير الذي أصدره المعهد بعنوان “كيفية تأمين الموصل”. وقد عمل في جميع محافظات العراق وأمضى بعض الوقت ملحقاً بقوات الأمن في البلاد.