واقع الوثائق الرسمية العراقية عن الفترة من 1968 حتى 2003 ومصيرها / ا.د. ابراهيم خليل العلاف
قرأتُ ، وتابعتُ الكثير مما كُتب عن الوثائق الرسمية العراقية التي تم الاستحواذ عليها ، ونقل مُعظمها الى الولايات المتحدة الاميركية سواء خلال سنة 1991، أو بعد الاحتلال الاميركي البغيض للعراق سنة 2003 .
ولقد كتبتْ كريس كوتشيرا Chris KUTSCHERA مُحررة كتاب
LE LIVRE NOIR DE SADDAM HUSSEIN” ”
فصلا عن الوثائق العراقية في هذا الكتاب الذي أسهم فيه كُتاب عراقيون وعرب وأجانب ، فقالت انه في سنة 1991 ، وضع الكورد بعد أحداث 1991 يدهم على ملايين الوثائق ، حيث إكتسحوا مكاتب حزب البعث ، ودوائر الامن العام ، والمخابرات العامة، والامن العسكري ، والشرطة في اربيل ، ودهوك ، والسليمانية ، وشقلاوة ، وعقرة ، وخانقين ، وكويسنجق . وقد وصل الدكتور كنعان مكية مؤلف كتاب ” جمهورية الخوف ” والمعارض للنظام السابق الى اربيل بحجة انه يقوم بإنجاز فيلم وثائقي لحساب هيئة الاذاعة البريطانية BBC ، وإطلع على الوثائق وطلب من المسؤولين الكورد ، نقل هذا الارشيف الضخم الى الولايات المتحدة الاميركية . وهكذا تم نقل اكثر من( 18) طنا من الوثائق بواقع( 4 ) ملايين صفحة بالطائرات الى الولايات المتحدة في زمنين : الاول بتاريخ ايار –مايس 1992 ، وفيه نقلت الوثائق التي استولى عليها الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني. والثاني في اب 1993 وفيه نقلت الوثائق التي كانت بحوزة الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني .
مانقل من الوثائق العراقية الى الولايات المتحدة الاميركية خلال السنتين 1992و1993 ، يتكون من قرابة ( 1842 ) كارتون .والوثائق هذه كانت تضم وثائق حكومية رسمية ، وكاسيتات سمعية وبصرية ، وفيديوات ، وصور . وقد سُلمت بمجموعها الى البنتاغون –وزارة الدفاع الاميركية التي تحملتْ مسؤولية نقل هذه الوثائق ، ولكن وزارة الدفاع الاميركية ، أعادت تسليم هذه الوثائق الى ” لجنة الشؤون الخارجية التابعة للكونغرس – مجلس الشيوخ الاميركي في واشنطن العاصمة DC التي صنفتها كوثائق رسمية للكونكرس ، وقام في الحال فريقان للبحث أحدهما يتبع وزارة الدفاع . والثاني يعود لمنظمة غير حكومية هي Midde East watch
(فرع حقوق الانسان ) ، وكلف الفريقان بفحص هذه الملايين من الوثائق وبإشراف جوست هيلترمان JoostHiltermann .
كان هناك ايضا ملايين من الوثائق التي استولت عليها القوات الاميركية في الكويت بعد نسحاب القوات العراقية منها في شباط 1991 قدرت بحوالي ( 725000 ) صفحة .
وثمة كمية من الارشيفات التي تتكون من الوثائق التي تم الاستيلاء عليها بعد الاحتلال الاميركي وسقوط النظام السابق في نيسان 2003 وقد عثر الدكتور كنعان مكية في بغداد وبتوجيه من المحتلين ومساعدتهم على ( 3 ) ملايين صفحة من الارشيفات العائدة الى القيادة القومية والقطرية لحزب البعث في شهر تشرين الثاني 2003 داخل اقبية سرية مخفية تحت قبر ميشيل عفلق في مقر القيادة القومية للحزب .
وهناك ايضا قرابة ( 8 ) ملايين وثيقة اخرى تم الاستيلاء عليها في بغداد من بل فريق يقوده شارل دويلفر يسمى (الفريق المكلف بمسح العراق )، وبالانكليزية Iraq Survey Group واختصارا (ISG ) والذي عمل في العراق بعد الاحتلال بسية مطلقة ولم تشف ماهية هذه الاطنان من الوثائق لحد كتابة هذه السطور 2016 .
هذا فضلا عن أطنان اخرى إستولى عليها جماعة الدكتور أحمد الجلبي ووضعت في نادي الصيد ، ويقال انها نقلت الى الولايات المتحدة الاميركية ، ويجري تصنيفها ودراستها تمهيدا لنشرها في حين يقال ان النية معقودة على إعادتها ، واعتقد ان هذا لن يحصل ابدا في ضوء ماهو موجود من وضع أمني في العراق .
قد يكون من المناسب ، الاشارة الى ان كنعان مكية وعدد من اتباعه يدعون منذ سنة 1993في “مركز دراسات الشرق الاوسط ” التابع لجامعة هارفرد الى تأسيس “مشروع البحث والتوثيق عن العراق ” .وفي تموز سنة 1994 أعلن السيناتور (كليربورن بيل Clirborn Peel ) رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيخ لكنعان مكية بأن مشروع العراق ، سيتسلم المجموعة الكاملة من الوثائق العراقية المودعة عند لجنة الشؤون الخارجية لكن ذلك لم يحصل الا في سنة 1998 عند ذاك سُلمت لجنة الشؤون الخارجية الى “مشرع البحث والتوثيق عن العراق ” 176 سي دي روم ” شملت محتويات ( 1575 ) كارتون من الارشيف العراقي .
وفي سنة 1998 تحولت الارشيف العراقي الورقي الى جامعة كولورادو في بولدر Boulder .وفي سنة 2003 وبعد الاحتلال الاميركي البغيض للعراق 2003 أسس كنعان مكية “مؤسسة ذاكرة العراق ” والتي تنوي جمع كل الارشيف العراقي .
هذا الكم الهائل من الوثائق والذي يتكون – كما يقول الدكتور فالح عبد الجبار –من قسمين الاول وهي الوثائق التي احترز عليها من الشمال وتتألف من ( 4-2 ) مليون وثيقة والثاني وهي التي احترز عليها في الكويت وتتألف من مليون وثيقة تم دراسة ( 350000 ) وثيقة علقت عليها منظمة Middle East watch كٌتبت عليها الملاحظات وصنفتها وخلال الاطلاع عليها قال الدكتور فالح عبد الجبار انها تغطي تاريخ العراق المعاصر للفترة من 1968 الى 1991 .ولتسهيل البحث فيهل فإنها تضم سير وحياة شخصيات النظام والاجهزة والمؤسسات والدوائر الامنية والعسكرية والحزبية والجماعات الاثنية والعرقية في العراق والاحزاب المعارضة والاعتقالات وما وقع من احداث سياسية وأمنية وغير ذلك .
وأغلب هذه الوثائق مصاغة بأسلوب إداري روتيني . كما ان فيها محاضر جلسات ، ومراسلات ، واوامر اعتقالات ، وتقارير عن المعارضين ، ومراسيم جمهورية ، وقوائم رواتب ، واسماء الحزبيين المعارضين لحزب السلطة ، وخاصة من الحزب الشيوعي وحزب الدعوة الاسلامية .كما ان فيها وثائق عن الجيش ، والجيش الشعبي ، وقضايا ما سمي ب” التسفير” و” الترحيل” و” تجفيف الاهوار” وما شاكل .
بقيت نقطة مهمة يعرفها الاميركان وغيرهم، ذكرتها كريس كوتشيرا وهي ان هناك احتمال في ان بعض الوثائق مزورة ، او انها زورت عندما سرقت سنة 1991 ، وهي لاتنفي وقوع هكذا حالات .كما انها تقول ايضا ان هناك مسألة اخرى وهي ان القادة الكورد منعوا نشر بعض الوثائق التي توضح حجم مشاركة العديد من رؤساء العشائر الكوردية مع النظام السابق .
كما ان من الممكن ان يمنع الاميركان نشر الوثائق التي تشير بوضوح الى مسؤوليتهم في دعم النظام السابق قبل اجتياح الجيش العراقي للكويت سنة 1990 .
هذه هي حال وثائقنا ..ذاكرتنا ..تاريخنا المعاصر فهل توجد مصيبة أكبر من هذه المصيبة التي لايشبهنا فيها أحد إلا الالمان الذين هُزموا في الحرب العالمية الثانية واستولى الحلفاء بعد دخولهم برلين والتي قام الاميركان بنشرها في مجوعة كبيرة من الكتب رأينا نسخة منها في المكتبة المركزية في جامعة بغداد ودرسنناها واستفدنا منها في دراساتنا ايام كنا طلابا في الدراسات العليا . وقد نرى أو يرى ابنائنا واحفادنا مجاميع من الكتب التي سينشرها الاميركان وتضم وثائقنا واقصد الوثائق العراقية وبكتب قد تحمل “الاوراق العراقية IRAQI PEPERS ” .